قصة النحو العربي
أمام النحو العربي.
هل أنت من الذين يواجهون صعوبة في فهم الإعراب و القواعد النحوية.؟
إذن غالبية الطلاب تواجه صعوبات كبيرة في استيعاب عالم النحو العربي.و
أغلب ما يعاني الطالب منه في عالم النحو العربي.إدراكه للمسائل الإعرابية.
فإن كنت من الذين يواجهون هذه المعاناة.
عليك أن تفهم أصلها و سبب وجودها ممّا يجعلك أولاً أن تبتعد عن إدراكك لفكرة لا أصل لها. بأنّ الإعراب وجد بدون أي هدف أو غاية.كما أنّك ستعلم أنّ هذا العلم ببساطته كان سبباً رئيساً للحفاظ على لغة العرب سليمةً. و أنّ قضية الحركات لها دور كبير في تحديد معنى الكلام،و أبسط مثالٍ على ذلك تغيير حركة الجيم في كلمة الجنة بين فتحها و كسرها،إذ أنّ لكلّ حركة معنى مختلف تماماً فالجنّة بفتح الجيم هي الجنّة التي وعد الله سبحانه وتعالى بها عباده المؤمنين،وأمّا الجنّة بكسرها هي الجنّ،إذن فلهذا العلم أهميّة كبيرة.
فمن خلال هذه المقام ستتعرف على أهمّ أسباب هذا العلم و سبب وجوده .
فعلم النحو لم يكن موجوداً مثبتاً في قواعد محددة؛ لأنّ العرب تتحدث العربية السليمة بدون أن تخطئ فيها أو تلحن.
أمّا سبب تسمية هذا العلم بالنحو؛ أنّ أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال لأبي الأسود عندما أمره بوضع قواعد اللغة: انحُ هذا النحو يا أبا الأسود
فالنَّحْوُ: علم يُعرف به أحوالُ أواخر الكلام إعرابا وبناء.
قصة النحو العربي قبل وضع القواعد
مواجهة الصعوبات التي تتجلى في عالم النحو لم تكن إلا لأسباب مهمة. في قصة النحو العربي تختصر كيفية تقعيد اللغة و التي تقول بأنّ العرب كانت في الجاهلية تتحدث العربية سليقةً، لا تلحن فيها و لا تخطئ وكانت اللغة العربية ملكا للعرب وحدهم ،فلمّا منّ الله سبحانه و تعالى على الناس إذا بعث فيهم رسولاً ، أصبحت اللغة العربية ليس للعرب وحدهم فقط ، بل أصبحت لكلّ الناس و لكلّ مسلم، سواء كان المسلم عربياً أم أعجميّاً، فصاروا بالإسلام أمّة واحدة، ما يفرقهم هو اللسان فقط فصار الناس يتحدث بلسانين:
لساناً عربياً، ولساناً أعجميّاً.
و عند اختلاط المسلمون بعضهم ببعض في الأماكن العامة؛ في المساجد و الأسواق و في المصاهرة، فظهر عندها اللحن في اللسان العربي، بل وصل اللحن إلى القرآن الكريم، فصار الناس حينها فريقين :
فريق يتحدث العربية سليقة دون أن يلحن فيها أو يخطأ
و فريق يتحدثها تطبيقاً للقياس، دخيل على اللغة العربية.
النقد الذاتي وأهميته في بناء الفرد والمجتمع
الأسباب الحقيقية وراء وضع القواعد
الأسباب الحقيقية التي كانت وراء قصة النحو العربي و من نتائجها اللحن في اللسان العربي هي مخالطة العرب للعجم، فظهر اللحن في كلامهم بل و في تلاوتهم للقرآن الكريم .
1- أما اللحن في كلامهم ما روي عن أبي الأسود الدؤلي أنه كان واقفاً ذات ليلة مع ابنته في شرفة بيته ، فنظرت ابنته إلى السماء متعجّبةً فأعجبتها نجومها، فقالت لأبيها : يا أبت ما أجمل السماء، فلمّا أبوها سمعها قد رفعت أجمل ظنّها تسأل فقال لها : أي بنيَّ : نجومها، فقالت له : لا يا أبت أنا لم أسأل و إنمّا تعجّبت، قال لها إذن بنيّ قولي : ما أجمل السماء و افتحي فاك.
فمن خلال ما حصل بين أبي الأسود و ابنته ذهب أبو الأسود إلى أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه وقال له : أدرك يا أمير المؤمنين فقد ذهبت اللغة العربية.
2- و أمّا اللحن الذي حصل في القرآن الكريم، فهو ما يقال أنّ رجلاً أعرابيّاً طلب من قارئ أن يقرأ له القرآن فقرأ قوله تعالى :(( أنّ الله بريءٌ من المشركين و رسوله )). (التوبة – 3 )
فقالها بكسر اللام في رسوله و الآية بضمّ اللام، فقال له الأعرابي إن كان الله بريء من الرسول فأنا بريء منه أيضاً، كما أنّ الفرق بين كسر اللام و ضمها كبير جدّاً؛ أي لو أنّ القارئ قالها متعمداً؛ لكان في حقّه الكفر، و هذا أن معنى الآية أنّ الله و رسوله بريئان من المشركين، أمّا الذي قرأها بكسر اللام جعل الرسول و المشركين بمنزلة واحدة، لذلك غضب عمر رضي الله عنه عندما سمع بالخبر و قال لا يقرئ القرآن إلّا من يحسن العربية، فكانت هذه الأسباب التي كانت محور قصة النحو العربي.
إيجاد الحل
لم يكن هناك حلّ يحفظ اللغة العربية من اللحن و الضياع سوى إنشاء علم يقعد الكلام العربي كلّه، و يبين إعرابه في كل موضع، فعندما أخبر أبو الأسود الدؤلي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما حصل مع ابنته طلب منه أن ينبري لهذه المهمة، و استنبط أنّ الكلام كلّه إمّا اسم أو فعل أو حرف معنى، فقال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لأبي الأسود : ( إنّ الكلام كلّه : اسم و فعل و حرف ، انحُ هذا النحو يا أبا الأسود فكان هذا أمراً و توجيهاً لأبي الأسود بوضع علم النحو ) .
الأعلام المؤسسون لعلم النحو العربي
لم يختلفِ المؤرخونَ في أن واضعَ أساسِ هذا العلمِ هو أبو الأسودِ الدؤليِّ 67هـ. و قيلَ أن من أشار إلى هذا العلم. أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ؛حين وكّل هذه المهمة إلى أبي الأسودِ إلى أَنْ أكملَ أبوابَه الخليلُ بنُ أحمدَ الفراهيديِّ 165هـ و وضعَ أولَ معجمٍ عربيٍّ و أسماه معجمَ العينِ، و كانَ ذلكَ في زمنِ هارونَ الرشيدِ. أمّا سيبويهِ (أبو بشرٍ عمرُو بنُ عثمانَ بنِ قنبرٍ) 180هـ الذي أخذ عن أستاذه الخليل بن احمد الفراهيدي الذي أكثرَ من التفاريعِ و وضعَ الأدلةَ و الشواهدَ من كلامِ العربِ لقواعدِ هذا العلمِ.
وصار (كتابُ سيبويهِ) الأساس لكل ما كُتِبَ بعدَه في علمِ النحوِ، و دوَّنَ العلماءُ علمِ النحوِ مع علم الصرف، و إذا كانَ النحوُ مختصاً بالنظرِ في تغيرشكلِ آخرِ الكلمةِ بتغيُّرِ موقِعِها في الجملةِ، فإنَّ الصرفَ مختصٌّ بالنظرِ في بُنيةِ الكلمةِ و مشتقاتِها و ما يطرأُ عليها من الزيادةِ أوِ النقصِ.
وختاماً فإنّ قصة النحو العربي قصة تتحدث بأنّ النحو العربي لم يكن إلّا ليحفظ اللغة العربية من الضياع، كيف و هي لغة القرآن الكريم الذي تعهّد الله سبحانه وتعالى بحفظه عندما قال في كتابه العزيز :” (( إنّا نحن نزّلنا الذكر و إنّا له لحافظون ))”.(الحجر – 9)