سيرة المؤرخ ابن خلدون| أحد أهم رواد التأريخ الحديث
أعظم مؤرخ وسياسي مشهور، ولد في تونس الحالية، وينظر إليه أحيانًا على أنه أحد رواد التأريخ الحديث وعلم الاجتماع والاقتصاد، كما تولى منصباً سياسياً رفيعاً، حيث شغل منصب رئيس وزراء مصر، وشهد الخدمة العسكرية النشطة، واشتهر بمقدمته، “مفدمة ابن خلدون”، ونظرية وصفه للتاريخ الإسلامي المشهورة، كما وصف أرنولد توينبي نظريته في التاريخ بأنها، بلا شك، أعظم عمل من نوعه ابتكره أي عقل في أي وقت أو مكان. وهو الذي طور واحدة من أقدم الفلسفات غير الدينية في التاريخ، الواردة في تحفته، “المقدمة”. كما كتب تاريخ المسلمين شمال افريقيا. تابع معنا لتتعرف على سيرة المؤرخ ابن خلدون…
من هو المؤرخ ابن خلدون
ولي الدين أبوزيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبو بكر محمد بن الحسن بن خلدون الحضرمي ولد مواليد 27 مايو 1332م الموافق على 732 هجري في تونس، وتوفي في 17 مارس 1406م الموافق على 808 هجري في القاهرة، مصر.
سيرة المؤرخ ابن خلدون
يعرف عموماً باسم ابن خلدون على اسم سلف بعيد، ولد في تونس عام 1332م الموافق ل 732 هجري لعائلة أندلسية من الطبقة العليا. بني خلدون، كانت عائلته التي شغلت العديد من المناصب العليا في الأندلس قد هاجرت إلى تونس بعد سقوط إشبيلية في نهاية القرن الماضي، حوالي منتصف القرن الثالث عشر، تحت حكم السلالة الحفصية التونسية، شغل بعض أفراد عائلته مناصب سياسية؛ ومع ذلك ابتعد والد وجد ابن خلدون عن السياسة وانضموا إلى نظام صوفية، لكن في سيرته الذاتية، يتتبع ابن خلدون أصله إلى زمن النبي محمد من خلال قبيلة عربية من اليمن، وتحديداً حضرموت، التي أتت إلى إسبانيا في القرن الثامن في بداية الفتح الإسلامي، وقال في قوله:
“أصل بني خلدون من حضرموت من عرب اليمن عبر وائل بن حجر من أبرز العرب المشهورين والمحترمين”
تعليم ابن خلدون
ساعدت المرتبة الرفيعة لعائلة ابن خلدون من الدراسة مع أفضل اساتذة شمال إفريقيا في ذلك الوقت.
تلقى تعليماً عربياً كلاسيكيا، ودرس القرآن واللغويات العربية، وأساس فهم القرآن والشريعة الإسلامية والحديث والفقه.
كما قدمه الصوفي وعالم الرياضيات والفيلسوف العبيلي إلى الرياضيات والمنطق والفلسفة.
حيث درس قبل كل شيء أعمال ابن رشد وابن سينا والرازي والطوسي.
وفي سن السابعة عشر، فقد ابن خلدون والديه بسبب وباء الطاعون الذي ضرب تونس .
السنوات الأولى في تونس وغرناطة
في سن العشرون عمل ابن خلدون كاتب علامة عند حاكم تونس وسرعان ما تألق بسبب أفكاره ودخل ابن خلدون بسرعة في منافسة مع وزير محمد، ابن الخطيب، الذي نظر إلى العلاقة الوثيقة بين محمد وابن خلدون بانعدام الثقة المتزايد، حاول ابن خلدون تحويل الشاب محمد إلى مثاله الأعلى للحاكم الحكيم، وهو مشروع اعتقد ابن الخطيب أنه غبي وخطير على السلام في البلاد، وقد أثبت التاريخ أنه على حق، وبتحريض من الخطيب، أعيد ابن خلدون في النهاية إلى شمال إفريقيا، واتهم محمد الخطيب نفسه لاحقاً بأنه لديه آراء فلسفية غير تقليدية، وتم قتله، على الرغم من محاولة ابن خلدون للتوسط نيابة عن خصمه القديم .
مناصب ابن خلدون في افريقيا
بالعودة إلى إفريقيا، استقبله السلطان الحفصي لبوجي، أبو عبد الله، الذي كان رفيقه في السجن، بمودة كبيرة، وجعل ابن خلدون رئيساً للوزراء، وخلال هذه الفترة، قام ابن خلدون بمهمة مغامرة لجمع الضرائب بين القبائل البربرية المحلية، كن بعد وفاة أبي عبد الله عام 1366م، غير ابن خلدون موقفه مرة أخرى وتحالف مع حاكم تلمسان، أبو العباس، وبعد سنوات قليلة أسره عبد العزيز الذي هزم سلطان تلمسان واستولى على العرش، ثم دخل مؤسسة رهبانية، واشغل مهامه المدرسية، حتى عام 1370م، أرسله السلطان الجديد إلى تلمسان، بعد وفاة عبد العزيز، أقام في فاس، منعمًا برعاية وثقة الوصي، كانت مهارات ابن خلدون السياسية، وقبل كل شيء علاقته الجيدة مع القبائل البربرية البرية مطلوبة بشدة بين حكام شمال إفريقيا.
السنوات الماضية في مصر
قال ابن خلدون عن مصر:
“من لم يرها لم يعلم قوة الإسلام”
لم يستطع البقاء بعيدا عن السياسة تماما، في عام 1384م عينه السلطان المصري الملك الظاهر برقوق، أستاذاً للمدرسة القمحية، والقاضي الأعلى للمذهب المالكي للفقه أو القانون الديني، لكن جهوده الإصلاحية واجهت مقاومة، وفي غضون عام اضطر إلى الاستقالة من منصبه القضائي، وربما كان أحد العوامل التي ساهمت في قراره الاستقالة هو الضربة الشخصية الشديدة التي ضربته في عام 1384م عندما غرقت سفينة تقل زوجته وأطفاله قبالة سواحل الإسكندرية، أخيراً قرر ابن خلدون الآن إتمام الحج إلى مكة بعد كل شيء.
لكن بعد عودته في مايو 1388م، ركز ابن خلدون بقوة أكبر على وظيفة تعليمية بحتة في مدارس القاهرة المختلفة.
أمضى ابن خلدون بقية حياته في القاهرة ليكمل سيرته الذاتية وتاريخ العالم ويعمل كمدرس وقاض.
خلال هذا الوقت قام بتشكيل نادي رجال اسمه رجال حوا رجال، جذبت أنشطتهم انتباه السلطات الدينية المحلية وتم اعتقاله.
توفي في 17 مارس 1406، بعد شهر من اختياره السادس لمنصب القاضي المالكي.
أعمال استخلصت من سيرة ابن خلدون
على عكس معظم العلماء العرب، ترك ابن خلدون وراءه عددًا قليلاً من الأعمال بخلاف تاريخه في العالم.
ومنها كتاب الطيبار، من الجدير بالذكر أن مثل هذه الكتابات لم يشر إليها في سيرته الذاتية، مما يشير إلى أن ابن خلدون رأى نفسه أولاً وقبل كل شيء مؤرخًا وأراد أن يُعرف قبل كل شيء بأنه مؤلف كتاب الطيبار، ومن مصادر أخرى، نعرف العديد من الأعمال الأخرى، مؤلفة بشكل أساسي خلال الفترة التي قضاها في شمال إفريقيا وإسبانيا وهي :
- لباب المحصل: كتابه الأول، وهو شرح لاهوت الرازي، في سن التاسعة عشرة بإشراف أستاذه الصلي بتونس.
- صفاء الساحل: كتابه الثاني ألفه أثناء عمله في الصوفية حوالي 1373 في فاس.
- حلقة للسطان: كتابه الثالث وهو كتاب في المنطق ألفه أثناء وجوده في بلاط محمد الخامس، سلطان غرناطة.
- كتاب الطيبار: كان العمل الرئيسي لابن خلدون يُنظر إليه في الأصل على أنه تاريخ البربر.
- التاريخ العالمي (مقدمة ابن خلدون): وهي موسوعة مقسمة إلى سبعة كتب أولها المقدمة، يمكن اعتباره عملاً منفصلاً، وتغطي الكتب من الثانية إلى الخامسة تاريخ البشرية حتى عصر ابن خلدون، تغطي الكتب السادسة والسابعة تاريخ الشعوب الأمازيغية والمغرب العربي، والتي تمثل بالنسبة للمؤرخ الحالي القيمة الحقيقية لكتاب الطيبار، لأنها تستند إلى معرفة ابن خلدون الشخصية عن البربر.
إرث سيرة المؤرخ ابن خلدون
تم تكريم ابن خلدون من قبل كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة جورج واشنطن، وجائزة خدمة المجتمع في تونس.
بالإضافة إلى أهمية تأريخ ابن خلدون، الذي أشاد به علماء مثل أرنولد توينبي، تظهر حياته وأسفاره الاستقرار النسبي والعالمية للعالم الإسلامي في ذلك الوقت .
وفي الختام يعد ابن خلدون من أبرز رجال السياسة كما يلقب بأبو التاريخ الحديث، نتمنى أن تكونوا قد استفدتم وتعرفتم على سيرة المؤرخ ابن خلدون .
[…] اقرأ أيضا: سيرة المؤرخ ابن خلدون | رائد التأريخ الحديث […]