صواريخ هايبرسونيك | صراع تكنولوجيا الأسلحة الفرط صوتية
دول عظمى تتصارع، سباقٌ عالمي مسعور لامتلاك أقوى الترسانات العسكرية وضمِّ أكثر الأسلحة تطورًا وتقدمًا إلى المنظومات الدفاعية والهجومية، إنها حرب التكنولوجيا حقًّا، وآخر أخبارها حرب الفضاء بقيادة جيلٍ متقدم من تكنولوجيا الصواريخ فائقة السرعة يطلق عليها اسم “صواريخ هايبرسونيك”.
كشفت تقارير حديثة، انضمام كوريا الشمالية إلى قافلة الدول المتنافسة إلى جانب الصين ودول أخرى. عُرف عنها التسابق المحموم لتطوير هذه الأنواع الجديدة من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. حيث تأتي أهمية هذه الصواريخ من قدرتها على القيام بهجوم بعيد المدى دون أن تكتشفها أنظمة الدفاع الجوية، يبدو كل هذا مثيرًا على الرغم من الخطورة الكامنة في التفاصيل. هنا في هذا التقرير سوف نبحث في عموم الحالة التكنولوجية المتطورة التي يمكن أن يصل إليها الإنسان، تاركين التفاصيل والأحداث لمقرِّريها.
ما المقصود بـصواريخ الهايبرسونيك
خلال العامين المنصرمين، وتحديدا في أغسطس 2020 اختبرت الصين ما أسمتها طائرة شراعية تفوق سرعتها سرعة الصوت. ليكثر الحديث أواخر عام 2021 عنها، خصوصا مع الأخبار القادمة من كوريا الشمالية بقدرتها على تطوير صواريخ فرط صوتية. قد يبدو مصطلح “فرط صوتي” غير كاف حين نقصد به مجموعة متكاملة من أنظمة الصورايخ. فهي أعقد من ذلك بكثير والمصطلح لا يوفيها حقها من الفهم والإلمام بالتقنيات التي تعمل عليها.
لغةً، يشير مصطلح هايبر سونيك إلى السرعة الفائقة، ويمكن تفسيره فيزيائيًّا على أنه أي سرعة تتجاوز الصوت بخمس مرات أو ما يصطلح عليه 5Mach. وتستخدم هذه العتبة للتعريف بمجموعة فرعية من المركبات تشكل تحديًّا هندسيَّا حين تتعرض للتأثيرات المادية عبر الغلاف الجوي للأرض حيث تتحمل هذه الأجسام تدفقا حراريّا هائلًا.
في حال لم تكن ملمًّا بمواضيع علم الفيزياء، سنورد لك مثالًا لتبسيط الأمر عليك: من المعروف أن حركة الأجسام في الهواء تقاس بمقارنتها مع سرعة الصوت. أيضا من المعلوم أن، سرعة الصوت تتأثر بدرجة حرارة الوسط الذي ينتقل به الجسم كالصاروخ مثلا. هذه الحرارة بدورها تتوقف على الإرتفاع التي تنتقل به الأجسام. ومما اصطُلح عليه أنّه في حال كان الإرتفاع صفرًا أي عند مستوى سطح البحر، والحرارة 68 فهرنهايت فإن سرعة الصوت تبلغ 761 ميل في الساعة. هذه السرعة هي بالضبط ما يطلق عليه 1 Mach. بحيث أن الماخ يعبر عن سرعة أي جسم بالنسبة للسرعة الثابتة للصوت.
اصطلاحًا، يمكن تعريف الصاروخ الهايبرسونيك. هو الجسم الذي يعبر الغلاف الجوي على ارتفاع أكثر من 90 كم، بسرعة تتراوح ما بين 5-10 ماخ. في حين أن هذه السرعة تتزايد فيها نسبة تفكك الهواء مع وجود أحمالٍ حراريّة هائلة.
هل يوجد ما يميز أسلحة الهايبرسونيك؟
غالبًا ما يشير، مصطلح الصواريخ الفرط صوتية إلى الصواريخ التي تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت. لكن هذا هو الشائع ولكنه ليس الصحيح. والصواريخ الباليستية الألمانية التي أطلقت لأول مرة في الأربعينيات والباليستية الحديثة العابرة للقارات والتي قد تصل سرعتها إلى 20 ماخ، خير مثال على ذلك. فحسب ما نشره مجلس الشؤون الدولية لروسيا أن هناك خصائص أخرى ينبغي توفرها في الصاروخ الفرط الصوتي. إلى جانب سرعته الفائقة، وهي القدرة على إجراء لمناورات وشن الهجوم بشكل أفقي ورأسي على حد سواء في نفس السرعة ( أكثر من 5 ماخ أي ما يعادل 3800 ميل في الساعة)، داخل طبقات الغلاف الجوي. وهذا ما لايمكن رصده في الصاروخ الباليستي، ممّا يعني أن هناك العديد منها لا تقع تحت تعريف صواريخ الهايبر سونيك ولا يمكن شملها معها.
ما هي أنواع الصواريخ الفرط صوتية؟
نظرا لخصائص السرعة ومرونة المناورة الآنفة الذكر، هناك نوعين من أنظمة الصواريخ الفائقة السرعة، وهي:
- صواريخ كروز الهايبرسونيك (HCMs)، تتميز بالمحافظة على سرعة فائقة ثابتة على مدار الرحلة كما يتم تشغيلها بمحركات عالية السرعة نفاثة. تعمل على حرق الوقود من خلال تيار هوائي شديد الضغط.
- مركبات الإنزلاق الفرط صوتية (HGVs)، حيث تنزلق المركبة عن الصاروخ مستفيدة من تدفق الهواء، بسرعة انزلاقية تتجاوز 5 ماخ باتجاه الهدف.
- حالات مختلطة، لا تنطبق على أحد الفئتين السابقتين والحديث عنها له بعد آخر.
أبرز مميزات صواريخ Hypersonic
على الرغم، من أننا قد لا نتوقع خيرُا من تطوير أسلحة قد تشكل شرّا على البشرية جمعاء. إلاّ أن لهذه الأسلحة من منطق الدول الكبرى ميّزات يمكن أن يسيل لها لعاب دول كثيرة. ومن أهم هذه المزايا نذكر:
- لا يخفى على أحد، الميزة التي توفرها إطلاق أسلحة عالية المناورة ووفق سرعات فائقة، للدول المهتمة بتطوير منظوماتها العسكرية.
- الصورايخ الفرط الصوتية، قادرة على المناورة بشكل لا يمكن أن تصل إليه الأسلحة التقليدية. خاصة مع سرعات تتجاوز 5 ماخ.
- تمتلك صواريخ الهايبرسونيك قدرة رادعة لأي هجوم. بالإضافة، إلى إمكانية تجنبها أي نظام دفاعي واستطاعتها الإفلات من أي رادار متعقِّب لها. وهذا بالضبط ما أشار له بعض المسؤولين الأمريكيين. أنه على الرغم، من عدم استحالة كشف هذه الصواريخ. إلاّ أنّه لا يوجد ما يكفي من الوقت لإعطاء تحذير أو تنبيه مناسب.
ما هي أكثر الأسئلة الشائعة عن صواريخ الهايبرسونيك؟
أنت ما زلت هنا، وعلى الرغم من أنك أتممت قراءة المقال، فما تزال بعض الأسئلة عالقة في ذهنك، أليس كذلك؟ إليك بعضَا منها:
س: ما هي الدول التي تعمل على تطوير أسلحة فرط صوتية؟
بينما قطعت بعض الدول أشواط طويلة في تطوير قدراتها العسكرية وضم الصواريخ الفائقة السرعات إليها. مثل الصين وأميركا وروسيا التي اختبرت بالفعل صواريخ كروز hypersonic. ما تزال بعض الدول تجري أبحاثا مكثّفة حولها، مثل كوريا الشمالية التي أقدمت حسب مزاعمها على تجربة هذا النوع من سلاح الجو المتطور في يناير العام المنصرم. كذلك تعمل فرنسا والهند وألمانيا واليابان على تأسيس أبحاث جديّة حول إمكانية الإستفادة من تكنولوجيا الأسلحة التي تفوق سرعتها الصوت.
س: هل يشكل تطوير صواريخ هايبرسونيك تحديا صعبا؟
بالطبع، إن التكنولجيا والتقنيات العالية التي تستخدم لإنتاج هذا النوع من الأسلحة، تجعل من الدول التي تمتلكها رقمًا صعبًا في معادلة تغيير قواعد اللّعبة. على الرغم، أن الأبحاث اللاّزمة للتطوير والقدرة امتلاك خصائص فريدة من السرعة والمناورة يشكل بحدِّ ذاته تحديّا كبيرا لمقدرات الدول التقنية والمالية خصوصَا مع التكاليف الباهظة التي تتكلفها.
س: على ماذا يدل الرقم ماخ؟
اتفقت أنظمة الطيران على اعتماد “الماخ” كوحدة دولية لتحديد السرعات، فبينما يطلق على السرعة التي تقل عن 1ماخ (سب سونيك). يطلق على السرعة التي تبلغ حدّ 1 ماخ ترانسونيك، إضافة إلى سوبرسونيك من 1- حتى 3 ماخ. والهايبرسونيك، وهي السرعة التي تتجاوز 5 ماخ.
في الختام، إن النظر إلى التحديات التقنية الاقتصادية والتكنولوجية التي تثيرها النظرة المستقبلية، لمجال تطوير صواريخ الهايبرسونيك. يجعل من الأمر ضربًا من الجنون الذي يصيب العالم، فإلى أين يتجه وما هو مصير الكوكب الأخضر، حين يتفوق عصر الآلة على العقل والحكمة.