تعزيز القدرات الإبداعية | كيف تحوّل أفكارك من الجمود إلى الإبداع
سأعطيك شمعة وعلبة من أعواد الثقاب، وسأعطيك أيضاً صندوقاً مملوءاً بدبابيس الضغط. والمطلوب منك: أن تجعل الشمعة مثبتةً على الجدار وهي مضاءة دون أن يقطر الشمع على الأرض. هيا عزيزي القارئ استخدم إبداعك وإلهامك في معرفة الإجابة. فهذا لغز لعالم النفس كارل هدفه تعزيز القدرات الإبداعية. في الواقع فإننا نسمع في كل يوم خبراً جديداً عن مبدع في أحد المجالات. ونتساءل عن السرّ الذي جعل منه مبدعاً دون غيره من الناس. وسريعاً نجد الإجابة التي اعتدنا أن نجيب أنفسنا بها إرضاءً لغرورنا. وإرواءً لفضولنا فنقول بأنه مبدع بالفطرة. ولا ننتظر أن نتحقق إن كنا متأكدين من صحة إجابتنا.
مفهوم تعزيز القدرات الإبداعية
ما رأيك يا صديقي إذا أخبرتك بأن الإبداع ليس رهناً بشخص بعينه فجميعنا نولد وفي داخلنا بذرة الإبداع هذه. وشأنها في ذلك شأن جميع المواهب والصفات الفطرية التي تنمو وتشق طريقها إلى الوجود إذا لقيت منا العناية والاهتمام اللازمين. ومن ثم فإنه بإمكاننا أن نصبح مبدعين متى قررنا ذلك ومشينا في هذا الطريق. ولكن ربما تتساءل كيف ذلك؟
سأجيبك بأن هناك العديد من الأمور والتمرينات الذهنية الإبداعية التي تحفّز ذكاءك وتجعل طريقة تفكيرك أكثر مرونة وتلقائية. فالإبداع بكل بساطة شيء لديك بإمكانك تطويره وحتى دراسته. فقط عليك أولاً وقبل كل شيء أن تقوم بتطهير فضائك العقلي من كل ما يشتته. وإن تعتاد على التفكير أكثر من الحفظ. وغير ذلك من التمرينات الذهنية والأمور التي تحفز إبداعنا.
هل يمكنك أن تعزز قدراتك الإبداعية
خلق الله تعالى دماغ الإنسان وفق تركيبة رائعة حيث إن كلا قسما الدماغ الأيمن والأيسر يركزان على مراقبة وتطوير القدرات المعرفية المتنوعة. حيث يقوم الجانب الأيسر من دماغنا بمعالجة القضايا المعرفية المتعلقة بالأرقام واللغة والمعلومات الثابتة. أما الجانب الأيمن من دماغنا فإنه يتولى معالجة القضايا الإبداعية والفنية. والقدرة على التفكير النقدي. وما يحدث معنا أننا دوماً نقوم بالتركيز على حفظ المعلومات والحقائق خلال دراستنا في المدرسة. وبالتالي نقوم وبطريقة غير مقصودة بتعزيز الجانب الأيسر من دماغنا على حساب الجانب الأيمن منه. مما يضعف مقدراتنا الإبداعية.
والحل بالطبع يكون بإصلاح هذا الخلل والعمل على تطوير القدرات الإبداعية وتنشيط الجانب الأيمن من دماغنا بممارسة هوايات إبداعية كالرسم والعزف ولعب الألعاب الذهنية كالشطرنج وغيرها.
ويمكن أن نقول بأن كل مشكلة يواجهها الإنسان هي بمثابة لغز يحتاج إلى حل إبداعي. ذلك أننا عندما نتعرض إلى أية مشكلة فإننا مباشرة نحاول التفكير لإيجاد حلول لهذه المشكلة. وإن هذا التفكير في الحلول بصورة ديناميكية وإبداعية يؤدي بشكل تلقائي إلى تحسين القدرات الإبداعية للإنسان.
أهم التمارين التي تسهم في تعزيز القدرات الإبداعية
فيما يلي سنستعرض مجموعة من التمرينات التي تساعد الإنسان على تحفيز إبداعه وجعل تفكيره أكثر تلقائية ومرونة:
تقنية الممحاة لتحفيز الإبداع
يطلق على هذه التقنية تقنية المبدعين الإعلانين والكتاب حيث إنها تعتمد على تحليل فكرة معينة واكتشاف مكوناتها الرئيسية ومن ثم إعادة بنائها مرة ثانية. ولكن علينا أَوَّلاً أن نقوم بكتابة كافة الأفكار التي يتكون منها الموضوع الذي نرغب في مناقشته على ورقةٍ ما.
ومن ثم استنباط أهم المعلومات التي تحملها هذه الأفكار وإضافة معلومات أخرى إن وجدت فيها فجوات معرفية. ثم نقوم بكتابة وتوثيق الأمور الضرورية. بالإضافة إلى ذلك نحاول ربط هذه الأفكار التي كنا قد كتبناها بشكل منفصل بحيث تغدو أفكارا مترابطة سهلة الاستدعاء من الذاكرة ببساطة وتلقائية عند استخدامها في النقاش حول موضوع ما.
تقنية مجموعة الرسم لتحفيز الإبداع
في هذه التقنية يستخدم الرسم بهدف رؤية الفكرة نفسها من منظورات مختلفة. وذلك بفضل العمل بشكل جماعي فكيف يتم ذلك؟
لتنفيذ هذه التقنية يتم إجراء لقاءٍ بين مجموعة من الأشخاص الراغبين بتحفيز إبداعهم. حيث يحمل كل فردٍ من المجموعة ورقة ويبدأ برسم مقدمة فكرةٍ معينةٍ على هذه الورقة. ومن ثم في المرحلة التي تليها يتم تغيير جميع الأوراق بشكل يدوي بحيث يواصل كلٌّ منهم رسم الفكرة التي بدأ بها زميله. وتكرر العملية حوالي من أربعة إلى ثماني خطوات لإنهاء رسم الفكرة.
تقنية السيئة و الجيدة المثيرة للاهتمام
في هذه التقنية يتم تنظيم ثلاثة أعمدة يُكتب في أعلى إحداها (جيدة) وفي أعلى العمود الثاني (سيئة) وفي أعلى العمود الثالث (مثيرة للاهتمام). ثم يقوم الشخص بانتقاء الفكرة التي يرغب في العمل عليها. ثم يحاول التفكير بأمر جيد حول هذه الفكرة ويسجلها في العمود المخصص لها. ويحاول التفكير بشيء شيء وكذلك بشيء مثير للاهتمام حول هذه الفكرة. وتدوينا في أعمدتها المخصصة لها. وبالتالي فإن القيام بمراجعة هذه الأفكار يساعد في اكتشاف وجود أي تحيز نواجهه عند تحليل الفكرة. وقد ابتكر هذه الطريقة عالم النفس إدوارد دي بونو.
تقنية المخادع وتجربة الشعور بالملل لتعزيز القدرات الإبداعية
في هذه التقنية تخضع أفكارنا إلى جملة من الفلاتر التي تسهم في جعل أفكارنا مرنة بشكل أكبر. وتتضمن هذه التقنية ما يلي:
- البديل: وهو أن أحاول التفكير بالعناصر التي بإمكاني استبدالها بالأخرى الموجودة في المفهوم الأساسي.
- اجمع: وتتضمن مجموعة من التساؤلات منها مثلاً (كيف باستطاعتي الجمع بين هذه الأفكار؟) و (ماذا يحدث لو جمعنا هذا مع ذاك؟).
- التكيف: ما هي الأمور التي باستطاعتي تعديلها لكي تتم مطابقة المجموعة بصورة أفضل؟
- التكبير: ما هي العناصر التي يجب أن أركز عليها وأمنحها قدراً أكبر من الاهتمام؟
أمّا تجربة الشعور بالملل فإنها في الواقع أصبحت أمراً نادراً وَفَنًّا مفقوداً في ظل وجود هذا القدر الهائل من وسائل التكنولوجيا التي تشغلنا بصورة دائمة وبالتالي فإنها تمنع أفكارنا الملهمة والمبدعة من السطوع والظهور في عقولنا.
لذلك يرى الباحثون أنه حالما نتوقف عن إلهاء عقولنا بهذه الأمور من تغريدات وليسبوك وغيرها فإن عقولنا بهذه الأمور من تغريدات وليسبوك وغيرها فإن عقل كلٍّ منا سيبدأ بالاستراحة. وبالتالي سيبدأ بإيجاد الأفكار المبدعة.
تقنيات تحفّز نشاط الدماغ الإبداعي
في الواقع هناك العديد من التقنيات التي تسهم في تحفيز النصف المبدع من الكرة المخية بشكل مباشر وغير مباشر ومنها:
تقنية التلوين
والمقصود بالتلوين هنا أن تترك لنفسك حرية اختيار اللون. بالإضافة إلى ذلك المساحة التي تختارها وترغب التلوين بها. كما أن التلوين في رسوم محددة يصبح نوعاً من التأمل ولا يحفز الإبداع فالتلوين الحر الحقيقي يساعدنا على إطلاق ما في نفوسنا وما بداخلنا من أفكار مبدعة.
تقنية استدعاء الذكريات لتعزيز القدرات الإبداعية
لقد أثبتت بعض الدراسات التي نشرها باحثون وعلماء نفسيون أن تذكر الماضي والتفكير به يعزز الإبداع ويحفزه. ويفتح المجال أمام الأفكار الخلاقة للظهور. ولا سيما إذا كانت هذه الذكريات تشمل تذكر المرء لفترة مثيرة للاهتمام في حياته.
في الختام يمكننا القول إن هذا ليس كل شيء فعقل الإنسان الذي أبدع الكثير من المخترعات قادراً وباستمرار على توليد الإلهام والإبداع. وما علينا سوى تحفيزه وتوفير المناخ الذي يسمح لأفكارنا المبدعة بالسطوع في عقولنا النيّرة.