عمليات التجميل، هل يتحول الطب إلى تجارة؟
ترى ما هو الشعور الذي ينتابك عندما تسمع عبارة “عملية تجميل”؟، هل بات يستفزك كما يستفز الكثيرين هذا الهوس بعمليات التجميل الذي نعيشه في عصرنا الحالي؟
عصر الصورة وتطور وسائل الاتصال، والمجلات الفنية التي تكاد لاتخلو من صور المشاهير بعد التجميل. كل ذلك ساهم في انتشار عمليات التجميل حول العالم لتصبح من أكثر الجراحات انتشاراً. حيث ارتفعت عمليات التجميل بنسبة 98% خلال السنوات العشرة الأخيرة، ودخل الرجال ميدان التجميل فأصبح لهم عملياتهم الخاصة. انتبه نحن لا نتحدث هنا عن سعي الإنسان الطبيعي وراء الجمال، لكن عندما تصل المبالغة بالعناية بالجمال حد الهوس، وقضاء معظم الوقت في صالونات وعيادات التجميل للتشبه بالمشاهير فهنا يصبح الوضع خارجاً عن المألوف!
ما هي جراحة التجميل؟
يرجع أصل تسمية عمليات التجميل ( Plastic Surgery) إلى لكلمة اليونانية plastikos ويُقصد بها تشكيل أو قولبة الشيء،ومنها أيضاً تأخذ مادة البلاستيك اسمها.
الجراحة التجميلية هي تخصص جراحي ينطوي على تحسين مظهر الشخص إعادة بناء أو تغيير مظهر أو خصائص جزء معيّن من الجسم، حيث تُستخدم عدّة تقنيات لإجراء عمليات التجميل من أهمّها؛ شفط الدهون، والحقن والشد وزراعة الشعر وغير ذلك.
أنواع عمليات التجميل
تقسم التجميل إلى نوعين أساسيّين:
الجراحة الترميمية Reconstructive procedures
تختص الجراحة الترميمية بتصحيح العيوب الجسمية المختلفة، وتتضمن الحالات التالية:
- ترميم الجروح والحروق.
- الترميم الذي يترافق مع علاجات الأورام.
- تشوهات النمو كحالات التثدي عند الرجال.
- الإصابات الناجمة عن الحوادث؛ عضّة الكلب والحروق.
- العيوب الخُلُقيّة مثل؛ الشفة المشقوقة، وتشوّهات الأذن.
- الترميم الذي يتبع إجراءات علاجية معيّنة كإعادة بناء الثدي بعد جراحة استئصال سرطان الثدي.
- جراحات الوجه الترميمية: تُستخدم لعلاج مشاكل التنفس كالشخير، ومشاكل الجيوب الأنفية وغيرها.
- الجراحة المجهرية: يتم إجراء هذه الجراحة باستخدام تقنية السديلة لتغطية أو الترميم بعد الحوادث والإصابة بالأورام.
- علاج بعض الحالات المرضية كعمليات اليدين والقدمين الترميمية في حالات لأصابع المتشابكة، أو وجود أصابع إضافية، ومتلازمة النفق الرسغي.
الجراحة التجميلية Cosmetic procedures
تختص بتعديل أو تغيير جزء من الجسم لتحسين المظهر، يمكن أن يتم ذلك في أي جزء من الجسم، باستثناء الجهاز العصبي المركزي، وتتضمَّن إجراءات جراحية وغير جراحية منها إزالة الشعر الزائد بالليزر، والحقن المالئة وفيما يلي أهم مجالات استخدام الجراحة التجميلية:
- جراحة الثدي: منها تكبير الثدي باستخدام هلام السيليكون أو المحلول الملحي.
- عمليات البطن والأرداف: تتضمن شدّ البطن بعد الولادة وفقدان الوزن، كذلك تكبير الأرداف أو رفعها.
- جراحة تجميل الوجه: وتتضمّن تجميل الجفن المتدلّي مع التقدم في العمر، وتجميل الأنف لتحسين منظره وتعزيز عملية التنفس، بالإضافة إلى عمليات شدّ بشرة الوجه لإزالة التجاعيد، وتكبير الذقن وتكبير الخدود.
- الإجراءات التجميلية غير الجراحية: وتتضمّن التقشير لعلاج آثار حبّ الشباب، وعلامات الندوب والتجاعيد، وحقن البوتوكس بالإضافة إلى الحشوات الجلدية، وحقن الدهون ، والعلاج بالليزر لإزالة التجاعيد والتصبغات الجلدية.
- عمليات شفط الدهون: يتم شفط الدهون من بعض أجزاء الجسم أهمّها؛ البطن، والفخذين، والأرداف، والذراعين، والرقبة، ويجب الانتباه إلى أنّ هناك حدّ معيّن لكمية الدهون التي يتم إزالتها بأمان دون حدوث مضاعفات ( 4 لترات من الدهون).
أضرار عمليات التجميل
بالإضافة إلى احتمالية عدم الرضى عن النتيجة وخسارة الأموال فإن عمليات التجميل كأي إجراء جراحي، تتضمن بعض المخاطر. وتزداد احتمالية التعرض للمضاعفات إذا كنت تعاني من أحد الأمراض المزمنة كالسكري أو من الوزن الزائد، كذلك التدخين يؤثر سلباً في احتمالية المضاعفات. وتتضمن مخاطر عمليات التجميل ما يلي:
- تلف الأعصاب والشعور بالخَدَر.
- التورم الدمويّ الذي يشبه الكدمة.
- النزف الحاد الذي قد يؤدي إلى الوفاة.
- إمكانية تضرر الأعضاء الداخلية أثناء الجراحة.
- التورم المصلي نتيجة تراكم السوائل أسفل الجلد.
- ظهور الندوب الناتجة عن الجراحة وإمكانية انفصال الجرح.
- تلوث موضع الجرح أو العدوى، وهو من أكثر الاختلاطات شيوعاً والذي قد يؤدي إلى ظهور الندبة.
- التخدير وما ينتج عنه من مضاعفات، كالتهاب الرئة والجلطات الدموية، والسكتة الدماغية، وصولاً إلى الوفاة
تاريخ عمليات التجميل
إذا كنت تعتقد أن عمليات التجميل قضية معاصرة فدعني أدهشك ببعض المعلومات عن تاريخ عمليات التجميل.
فأول جراح تجميلي في التاريخ وهو الطبيب الهندي سوشورتا (القرن السادس قبل الميلاد) الذي قام باستخدام وسيلة ترقيع الجلد لإجراء جراحات تجميل في مناطق الجسم المختلفة.
وفي مصر القديمة، عرف المصريون القدماء عمليات شدّ الوجه وإصلاح كسوره وفقاً لما جاء في بردية إدوين سميث، وهي أول أطروحة علاجية في التاريخ، حيث ترجع إلى العام 1600 ق.م
ولكن الغريب أن الأغلبية العظمى لعمليات التصحيح والتجميل كانت للموتى بدلاً من الأحياء، وذلك لاعتقاد الفراعنة أن الإنسان سوف يُبعث على الهيئة التي مات عليها، لذا كانوا حريصين على أن يكون المتوفي في أحسن حال.
وفي أواخر القرن التاسع عشر كانت أول عملية لتكبير الثدي، لتصحيح عدم التناسق. وكانت الحرب العالمية سبباً هاماً في انتشار عمليات التجميل ولعل من أشهر عمليات التجميل، العملية التي أجريت عام 1917 م للطيار البريطاني والتر يو، الذي أصيب بتشوه تام بالوجه خلال المعركة، حيث فقد جفنيه، إضافة إلى انتشار الحروق بكامل وجهه.
كذلك بسبب الحرب العالمية الأولى فقد الملازم وليام سيككالي أنفه، ليكون بذلك صاحب أول عملية إعادة هيكلة أنف في العصر الحديث، واستغرق الأمر 3 سنوات حتى خروجه من المشفى.
وفي عام 1962 م تم إجراء أولى عمليات تكبير الثدي بمادة السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية. وتوالت بعدها إنجازات الطب في مجال التجميل.
عمليات التجميل الأكثر شيوعاً
تختلف العمليات الأكثر شيوعاً من بلد لآخر حيث تلعب الثقافة هنا دوراً هاماً، فوفقًا لدراسة أجرتها الجمعية الدولية لجراحة التجميل، فإن شفط الدهون هو الإجراء التجميلي الأكثر شيوعًا في العالم حيث يمثل 19.9 بالمائة من إجمالي العمليات التجميلية. يليه تكبير الثدي، بنسبة 18.9 في المائة من العمليات، ثم عملية تجميل الجفن بنسبة 11 في المائة، وجراحة شد البطن بنسبة 8.7 في المائة، وتجميل الأنف بنسبة 7.5 في المائة.
أما في العالم العربي فأكثر الإجراءات تتعلق بشفط الدهون، وشد البطن التي تتساوى نسبة الإقبال عليها بين الرجال والنساء. بينما يتصدر البوتوكس والفيلزر القائمة بالنسبة للنساء.
حكم عمليات التجميل في الإسلام
التجميل في الإسلام نوعان :
- التجميل لزيادة الحسن وليس لتصحيح العيب، وهو محرم لا يجوز.
- تجميل لتصحيح العيب الناتج عن حادث أو غيره ، وهو محلل لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفاً من ذهب. كما يجوز التجميل عندما يكون العضو كبيراً بشكل غير طبيعي حيث يعد في هذه الحالة نوعاً من العلاج.
تجارة وتسويق
تحولت جراحات التجميل إلى نوع من أنواع التجارة ووسيلة للثراء السريع حيث تظهر من وقت لآخر تسميات مختلفة لنوع واحد من العمليات، الهدف منها التسويق وزيادة الأرباح، كالتحول من شفط الدهون إلى نحت الجسم. كذلك بالنسبة لأجهزة الليزر الخاصة بتنظيف البشرة، حيث تضاف إليها خدمة (التنظيف بالكربون)، بهدف جذب المزيد من الزبائن.
كذلك يمتد العمر الافتراضي لمادة السيليكون المستخدم في تكبير الثدي إلى 20 عاماً، في وقت يقنع بعض الأطباء مرضاهم بضرورة تبديله كل عامين، بينما يخفي أطباء آخرون الفترة الزمنية لفعالية البوتكس المعروفة بستة أشهر والحاجة إلى تكرار الحقن. كل ذلك بهدف زيادة الأرباح ما جعل ذلك يبتعد عن أخلاقيات الطب كمهنة.
لا شك في أن للجمال تأثيراً واضحاً في العديد من جوانب الحياة، لكن تقبّل الذّات والثّقة بالنفس تمنحك التأثير الأقوى في الآخرين، يمكنك اللجوء إلى أساليب بديلة أقلّ خطورة من الجراحة لحل مشكلتك، لكن تذكر أنه لا يمكنك إقناع الآخرين بحقيقة مالم تكن مقتنعاً بها.