يعتبر ثاني أعظم طبيب في العصر الإسلامي الذهبي بعد ابن سينا، كما أنه أبدع في الكيمياء والفلسفة والرياضيات، وأسهم بالكثير من الإنجازات التي شهدها له التاريخ ولا سيما في الطب، حيث قام بتأليف عدة كتب طبية، لقبه أطباء الغرب بأعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق، بعد تأليفه لكتاب الحاوي في الطب الذي جمع به كل المعارف الطبية العربية واليونانية، منذ زمن الإغريق حتى عام 925م، وهذا الكتاب كان المرجع الرئيسي للطب لمدة 400 عام، هو العالم الطبيب أبو بكر الرازي ساحر الأطباء.
من هو الطبيب أبو بكر الرازي
هو أبو بَكر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن زَكَرِيّا الرَّازِيّ طبيبٌ وفيلسوف وعالم في الكمياء وموسيقي وعالم في الرياضيات، من مواليد مدينة الري في بلاد فارس، وهي بلدة تقع على المنحدرات الجنوبية لجبال البرز بالقرب من طهران الحالية بإيران، ولد في عام 865 م (251 هـ)، وتوفي في نفس المدينة حوالي عام 925، قبل تعلم الطب درس الكيمياء والفلسفة والرياضيات والموسيقى، في مقتبل عمره، ما لبث أن اكتسب شهرة كخبير في الطب والكيمياء، مما أدى إلى توافد المرضى والطلاب من أجزاء بعيدة من آسيا للتعلم والمعالجة.
حياة أبو بكر الرازي
تعلم تحت إشراف أستاذه في الطب علي بن سهل ربان الطبري، وهو طبيب وفيلسوف ولد لعائلة يهودية في ميرف، طبرستان في إيران الحالية.
اعتنق ابن ربان الإسلام في عهد الخليفة العباسي المعتصم، فأخذه إلى خدمة البلاط، واستمر فيها في عهد الخليفة المتوكل.
درس الرازي الطب وربما أيضًا الفلسفة مع ابن ربان، لذلك يمكن إرجاع اهتمامه بالفلسفة الروحية إلى هذا المعلم.
سرعان ما تجاوز الرازي معلمه وأصبح طبيباً مشهوراً، عُين مديرا لمستشفى مسقط رأسه الري.
وصلت شهرة الرازي إلى عاصمة العباسيين، دعاه الخليفة المكتفي ليكون مدير أكبر مستشفى في بغداد.
يُعزى الرازي إلى طريقة رائعة في اختيار موقع مستشفى جديد، عندما طلب منه رئيس وزراء المكتفي، بناء مستشفى جديد، كان لديه قطع من اللحوم الطازجة موضوعة في مناطق مختلفة من بغداد.
بعد بضعة أيام، قام بفحص القطع، واختار المنطقة التي تم العثور فيها على أقل قطعة فاسدة، موضحًا أن الهواء كان أنظف وأكثر صحة هناك.
بعد وفاة الخليفة المكتفي عام 907، عاد الرازي إلى الري، كان مدير مستشفى هناك وكرس معظم وقته للتدريس.
يقال أنه كان لديه عدة حلقات من الطلاب حوله، عندما يأتي مريض بشكوى أو كان لدى شخص من المتعلمين سؤال يتم تمريره إلى طلاب الدائرة الأولى.
إذا لم يتمكنوا من إعطاء إجابة، فسيتم تمريرها لمن هم في الدائرة الثانية، وما إلى ذلك.
إذا فشل الجميع في إعطاء إجابة، فهذا يعني أن الرازي هو الذي أعطى الإجابة النهائية.
كان الرازي كريمًا ويحب الخير للغاية لمرضاه، حيث كان يعالجهم بطريقة إنسانية تمامًا.
كتب وأعمال أبو بكر الرازي
توسع الرازي في أبحاثه وخاض في عدة مجالات علمية وأسهم في تطورها وهي :
في المجال الطب
كان اهتمام الرازي الأكبر في الطب حيث توسع به إلى حد كبير، كتب العديد من المقالات وقام بتأليف عدة كتب وهي :
كتاب المنصوري في الطب
كتب كتابه الطبي العام، كتاب المنصوري في الطب، للملك الساماني في الري أبو صالح المنصور عام 903م.
كما تُرجم إلى اللاتينية في القرن الخامس عشر الميلادي، ويتألف من عشرة مجلدات وتناولت الطب اليوناني العربي.
كتاب الحاوي في الطب
تم تجميع ملفات عمله الضخمة من القراءات والملاحظات الشخصية بعد وفاته من قبل طلابه وتم توزيعها تحت اسم كتاب الحاوي أو الكتاب الشامل في الطب.
وهذا الكتاب يعد أكبر موسوعة طبية تم تأليفها على الإطلاق في ذلك الوقت، وتحتوي على جميع المعلومات المهمة التي كانت متوفرة من المصادر اليونانية والعربية عن كل موضوع طبي.
كتاب الجُدري والحسبة
أول أطروحة عن الجدري وجدري الماء، وكان أول من أجرى مقارنات واضحة بين الجدري والجدري المائي.
كتاب من لا يحضره طبيب أو مستشار طبي لعامة الجمهور
مخصص للفقراء والمسافر والمواطن العادي الذين لا يمكنهم الرجوع إليه، أو زيارة طبيب.
كتاب بير الساعة
هو مقال قصير للرازي عن الأمراض التي يدعي أنه يمكن علاجها في غضون ساعة، وهي تشمل الصداع، وألم الأسنان، وآلام الأذن، والمغص، والحكة، وفقدان الإحساس بخدر الأطراف، وآلام العضلات.
كتاب الطب الروحاني
يعد من الكتب المهمة في تفاصيل الطب النفسي والعلاج.
كتاب الشك على جالينوس
انتقد في هذا الكتاب بعض نظريات جالينوس، ولا سيما الأخلاط الأربعة المنفصلة.
كتيب عن أمراض الأطفال ورعايتهم
أول دراسة كتبت عن طب الأطفال من تأليف الرازي، يتكون الكتاب من 24 فصلاً تتناول أمراضًا مختلفة لحديثي الولادة والرضع والأطفال.
الملاحظات والمقالات
كتب الرازي العديد من المقالات حول الحساسية والمناعة، وكان أول من اكتشف الربو التحسسي.
يتم أيضًا الحفاظ على أكثر من 1000 حالة من تاريخ حالاته اليوم، وهي توفر نظرة ثاقبة مهمة في الحياة العملية لأعظم طبيب في العصور الوسطى.
العلاج بالطب البديل
من السمات الخاصة لنظامه الطبي أنه شجع على العلاج من خلال الغذاء الصحي والمنظم، تم دمج هذه المعلومات مع تركيزه على تأثير العوامل النفسية على الصحة.
الأدوية والأدوات
كان الرازي جراحاً خبيراً، وكان أول من استخدم الأفيون للتخدير، وتشمل مساهماته في علم الأدوية إدخال المراهم الزئبقية.
طور الأدوات المستعملة في الصيدليات مثل الهاون والمدقة والقارورة والملعقة والأكواب وأوعية الزجاج.
في المجال الكمياء
ألف كتاب سر الأسرار في الكيمياء، وقد صور بتفصيل كبير العديد من التفاعلات الكيميائية.
وقدم أيضاً وصف كامل وتصميمات لحوالي عشرين أداة مستخدمة في التحقيقات الكيميائية.
تمت ترجمة وصفه للمعرفة الكيميائية إلى اللاتينية واستخدم لسنوات عديدة كمصدر للكيمياء.
كان أول من أنتج حامض الكبريتيك مع بعض الأحماض الأخرى، كما أنه أعد الكحول عن طريق تخمير المنتجات الحلوة.
في مجال الأحياء
طور الرازي نظام تصنيف بدائي، تقسيم المواد إلى نباتات وحيوانات ومعادن، مما يفتح الطريق أمام الكيمياء العضوية وغير العضوية
في مجال الفلسفة
قام الرازي بجمع ملاحظاته الفلسفية في تأليف كتاب عن السيرة الفلسفية.
إرث أبو بكر الرازي
ترك الرازي وراءه أكثر من 224 كتاباً ومخطوطة تحتوي على مقتطفات من علماء سابقين تتعلق بالأمراض والعلاج، بالإضافة إلى العديد من السجلات من ممارسته الطبية.
وفاة أبو بكر الرازي
في سنواته الأخيرة، أصيب بإعتام عدسة العين في كلتا عينيه وأصيب بالعمى، توفي بمنطقة الري في 27 أكتوبر 925م
عن عمر يناهز الستين عاماً، ويحتفل باسمه في معهد الرازي بالقرب من طهران.
وفي الختام هناك كم كبير جداً مما يجب التحدث عنه حول مساهمات الرازي هذا العالم المسلم العظيم في الفلسفة والكيمياء والطب، ولا يمكننا أن نعطيه حقه في مقالنا المتواضع، نتمنى أن تكونوا قد استفدتم من هذا المقال وتعرفتم على الطبيب أبو بكر الرازي ساحر الأطباء.
