إن الراحةَ النفسيّة أو ما يطلق عليها في علم النَّفس الصحة النفسيّة، هي إحساس نفسي وجسدي، وعادةً ما يسمى شعور بالسلام الداخلي وهو مايشرح معنى راحة البال وبالتالي هو نوع من الارتياح النفسي والرضى الداخلي والطمأنينة، وهي مطلبٌ مهمٌ وضروري لكل إنسان وهي السبيل الوحيد لتحقيقِ الاستقرار النفسي ، والابتعاد عن الأمراض والاضطرابات النفسيّة، ولاتتحقق الراحة النفسية إلا بعدة طرق سنذكرها لاحقاً، وتؤدي الراحة النفسية إلى تحقيق التوازن بين الصحة النفسيّة والاجتماعيّة والجسميّة ، والمُحافظة على ديمومة هذا التوازن.
أهمية الراحة النفسية
إن الفرد الذي يمتلك الرّاحة النفسيّة ويعيش بها يكون أكثر تمتعاً بعلاقاتٍ أُسرية واجتماعيّة سليمة ، ويزيد ذلك من قدرته على الإنتاج والتعلّم ، أمّا الطرف المعاكس الذي يشير إلى حدوث اضطراب في توازنِ واستقرار الحالة النفسيّة عند الشخص ، ومروره بمشكلات متعددة سواء كانت عاطفية نفسية أو سلوكية ، فهي تظهر نتيجة بعض العوامل البيئيّة والأسريّة والشخصية وتؤثّر في أداء الإنسان الأُسري والاجتماعي ، فيضطرب الاستقرار النّفسي ويدخل الإنسان في متاهة القلق والتوتر.
كيفية تحقيق الراحة النفسية
إن المشكلة الحقيقيّة عند الإنسان في مدى قدرتهِ على إستخدام إرادتهِ الذاتية للوصول إلى حالة من التوافق السليم الذاتي:
- من خلال الالتزام بالتعاليم دينية ، والأعمال المتنوّعة ، والكفاح والصبر عند الإخفاق في توظيف الذات بشكلٍ تكيفي متلائم .
- فقد يدخل الإنسان في حالةٍ من التيه والوهن لا تعود إلّا بعائداتٍ غير جيدة له ولوسطه.
- لذلك ظهرت الكثير من الطرق التي تساعد الفرد على تحقيق الراحة النفسية ، ومن أهمها :
المحافظة على العبادات والصلوات
تعتبر الصّلاة الرّابط الأوثق بين العبد وربّه عند وقوف الإنسان المؤمن بين يدي الله عز وجل مصلياً وخاشعاً ومستشعراً لضعفِهِ أمام الله عزَّ وجل يساعده ذلك على التخلص من الخوف والشحنات والأفكار والانفعالات السلبيّة والتحرر منها. وعلى العموم تمنح الصَّلاة الإنسان طاقةً روحيةً تصل إلى قلبهِ وتنمي في داخله الأمان والطمأنينة وتخلصه من القلق وتهدئ نفسه. وتساعد هذه الطاقة الفرد على التأملِ والتركيزِ أثناء خشوعه في صلاته ؛ مما يوصله إى إلى حالةٍ من الاسترخاء العصبي والخروج من حالة التوتر.
تعزيز الثقة بالنفس
يجب على الشخص دعم ذاته وشحنها بشكلٍ مستمرٍ بالثّقةِ والتقدير ، ويحدث ذلك عن طريق التحديد الدَّقيق والحقيقي للإمكانات والقدرات المتوفرة لدى الفرد ، وبناء صورة نفسية منفردة كما يراها عن ذاته ، ويساعده ذلك على التخلص من مجموعة الصور الذهنيّة التي يضعها الآخرون عنه ، ومن المهم أيضا ان يحدّدَ الإنسان هدفه الذاتي ويسعى إلى الوصول له ؛ حتى يتوافق هذا الهدف مع قدراته ومواهبه واستعداداته حتى يتمكن من الوصول إليه كي لا يسبب له الشعور بالإحباط عند الفشل بالإضافةِ إلى وجودِ أهمية لتقدير الذات بمكافئتها عند إنجاز المهام والنجاح في تنفيذ جميع أنواع الإنجازات ، ويساهم ذلك في تعزيز الثقة بالنَّفس.
التغلب على التوتر والخوف
يواجه الإنسان في الحياة الكثير من الضغوط والمخاوف التي من الممكن أن تسببَ له الكثير من القلق والتوتر ، إلّا أن تسليم النفس للخوف والتوتر والحياة ضمن إطارهما سيعيق الفرد عن ممارسةِ حياته بشكلٍ مستقر ومتوازن
فيجب عليه المواجهة وتحديد منابع الخوف ومصادره ، ومحاولة التخلص منها وإدراكها والوعي بحقيقةِ حجمها والابتعاد عن تضخيمها .
فإن التمكنَ من التغلب على مشاعرِ الخوف وما يترتب عليها من قلق وتوتر يحقّق الإنسان أكبر قدر من الصحة والراحة النفسيّة.
تحقيق الراحة الجسمية
تعتبر الدعائم الذاتية للراحةِ النفسية أمراً في غاية الأهمية . لكن لا تصل إلى مطالبها إلّا عبر الاهتمام بالجانبِ البيولوجي للبنيةِ الجسمية والماديّة للإنسان ، فجسم الإنسان بحاجة دائمة إلى الراحةِ والاسترخاء ؛ لهذا يجب ان ينام بشكل كافٍ ومنتظم ومريح ووافي . بالإضافةِ إلى أهمية ممارسة الأنشطة والتمارين الرياضية. وبتطبيق نظامٍ غذائي مناسب . والمحافظة قدر الإمكان على تناول الطعام الصحي .كما يدل ذلك إلى أن للعاداتِ الجسميةِ الصحية تأثيرها الظاهر في الحالة العامة لصحةِ الإنسان . وترفع مستويات حدود التعامل مع الضغوط والحياة المختلفة والنفسية ، والحصول على الراحةِ النفسيّةِ بأكبر قدر ممكن.
التحلي بالإيجابية
يظهر التحلي بالإيجابيّة من خلال محافظة الإنسان على ردود الفعل والسلوك الإيجابي والمتفائل للحفاظ على الحالة النفسية الصحيّة ومفعمة بالحيوية . ومن الممكن للإنسان ان يصل إلى المستوى المطلوب من الإيجابيّة ؛
عَبر التوقف عن التفكير بالطرقِ والأنماط السلبيّة تجاه المواقف والضغوط الحياتيّة . كما انه من الهام المحافظة على مستوى المعاملة مع المشاكل .
عدم مقارنة النّفس مع الآخرين
على الإنسان التوقف عن مقارنة نفسه مع الآخرين ؛ لأن ذلك يولد انطباعات سلبية عن النَّفس . لأن المقارنة تدفع الإنسان إلى التقليل من تقدير الذي تستحقه إمكانياته وقدراته ومواهبه وإنجازاته التي يمتلكها . فالمقارنة في كافة الإتجاهات والمجالات التي قد تسير الإنسان إلى بناء مستويات نفسية من الرّضا المزيف ، أو إلى الشعور بالفشل والسلبية وبشكل عام إن لكلِّ شخص طاقته الخاصّة ومهاراته الداخلية التي يتميّزبها ؛ لذلك من الأفضل أن يقارنَ الفرد نفسه مع نفسهِ بإنجازاته السابقة وإنجازاته الحالية ؛ أي مقارنة ذاته كيف كانت وكيف أصبحت.
إعادة إحياء العلاقات الاجتماعية
من الواجب على الإنسان إعادة إحياء العلاقات الاجتماعيّة ؛ لأن ذلك مفيد لحالته النفسية العامة . فمن الضروري كسب الأوقات المتاحة قدر الإمكان للتواصل مع افرادالعائلة والأصدقاء . والقيام بالنشاط الترفيهي البسيط كالخروج مع الأصحاب في نزهة وتناول الطعام معهم .
الابتسامة
إن البسمة الحقيقية، الصادقة والنابعة من داخل القلب تعتبر رمزاً للصحةِ السليمة والمستقرة .
وبالإضافة إلى أن الابتسامةَ سرٌّ من أسرار الجاذبية ، وطريق مختصر وسهل إلى القلوب .
وعلاوة على انها تمتلك نوعاً من أنواع الطاقة المعدية التي تنشر السعادة والأمان تجاه الآخرين.
وفي الختام لابد ان ننوه على أن الراحة النفسية مصدرها داخل الإنسان وقناعته، لا الوسط المعيشي أو الإجتماعي أو الحالة المادية ، ورأيي الشخصي أن الراحة النفسية تنتج عن الرضى بما قسمه الله لنا وان نترك ما ليس لنا ونسعى للأفضل بلعمل والجهد ، دون أن نظلم أحد أو نتعدى على الحقوق، فإن رضينا عشنا براحة وسعادة، عزيزي القارئ نتمنى أن يكون ملهمون قد قدم لك أفضل الطرق المدروسة للوصول للراحة النفسية .