الهجرة إلى أوروبا | المزيد من مراكب الموت
“سفرني ع أيا بلد واتركني وانساني” على الرغم من عمق البحار إلا أنها لتكاد تنوء بما تحمله من هموم وأحلام. فحلم الهجرة إلى أوروبا لا زال يراود للكثيرين، هذا الحلم الأخاذ الذي يعمي بريقه الناظرين حوّل البحر إلى مقبرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. حيث أشارت الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من 3000 شخص بين غرقى ومفقودين في عبور البحار إلى أوروبا العام الماضي. في حين لا يزال الواقع المأساوي الذي تعيشه معظم الدول العربية يدفع الشّباب العربي إلى قبول هذه المغامرة على أنها سبيل الخلاص. يعود ملف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا مرة جديدة إلى الواجهة مع حادثة الغرق الأخيرة في طرابلس اللبنانية وإعلان الأمن اللبناني انتشال 10 جثث بينها جثة تعود لطفلة واستمرار البحث عن المفقودين، كما قدر عدد المهاجرين على متن المركب بنحو 60 شخصاً تم إنقاذ 45 منهم.
إحصائيات وأخبار
قبل حادثة طرابلس المئات وربما الآلاف من الحوادث المشابهة. حيث كشفت إحصائيات منظمة الهجرة الدولية أن حوالي 176,406 محاولة عبور شهدها البحر المتوسط ما بين عامي 2014 ونهاية 2021 .في الغالب كان مصدرها شمال أفريقيا أو تركيا باتجاه السواحل الأوروبية وانتهت 23,150 منها بحالات غرق أو فقدان، كما شهدت أعداد المهاجرين زيادة واضحة في عام 2021 بعد تخفيف القيود المفروضة على السفر عالمياً نتيجة جائحة كورونا. وبالتالي شهدت أعداد الغرقى والمفقودين زيادة واضحة أيضاً. إذ شهدت سواحل اليونان وجزر الكناري الإسبانية وبحر المانش العديد من المآسي التي أنهت أحلام الكثيرين. وعلى الرغم من أن ركوب زوارق الموت باهظ الثمن حيث جمع المتورطون في حادثة مركب الموت بطرابلس اللبنانية مؤخراً مبلغاً يقدر بحوالي 400 ألف دولار. علماً أن عمر المركب يعود لعام 1974 وغير مجهز بأي وسائل أمان.
حكايا الناجين
بين محمد العشماوي المصري الذي فقد شقيقه في البحر وأم سورية أرسلت ابنها البالغ 12 عاماً إلى البحر لتفقده هناك. تتشابه الحكايات وتتقاطع مشاهد الخوف ولحظات الانتظار. الكثير من الروايات المؤلمة التي يصعب توصيفها يرويها الناجون بالألم والدموع .حيث يجتمع تحدي خفر السواحل وتقلبات الطقس بالإضافة إلى الحمولة اللامنطقية كأسباب قوية لتجعل من نجاح المغامرة أمراً صعباً للغاية.
أسباب الهجرة إلى أوروبا
ليس خافياً على أحد ما يمر به الوطن العربي من أزمات اقتصادية وسياسية دفعت الشباب العربي للبحث عن مستقبل أفضل. في السّياق نفسه نظم المعهد الجمهوري الدولي في الأردن استطلاعاً للرأي عام 2021 .حيث بينت نتائج الاستطلاع الذي شمل مجموعة من الشّباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 35 عاماً أن 45% من الشّباب يفكرون بالهجرة إلى الخارج بشكل جدّي، بينما أبدى 35% من الشباب أملهم بتحقيق مستقبل جيد في الأردن. تأتي هذه النتائج تأكيداً لدراسة سابقة أجراها معهد جالوب إذ أفادت بأن 24% من سكان الشرق الأوسط وأفريقيا يفضلون الهجرة وترتفع النسبة في فئة الشباب من 18-29 لتبلغ 52%.حيث يغذي هذه النسب قصص النجاح التي يحققها المهاجرون في فترات بسيطة نسبياً.
وبين الأسباب الاقتصادية والأمنية يستمر تدافع المهاجرين نحو الجنّة الأوروبية فبينما يشكل الوضع الاقتصادي دافعاً للبنانيين في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. دفع الوضع الأمني السوريين إلى موجات هجرة جماعية بسبب الحرب التي شهدتها البلاد كذلك بالنسبة للعراقيين الذين لايزالون ضمن الراغبين بالهجرة. بالإضافةإلى دول المغرب العربي التي يشكل مواطنوها نسبة لا يستهان بها من المهاجرين. بالتالي أصبح هذا الحلم تجارة يستغلها السّماسرة وطريقة فعالة تستغلها مكاتب الهجرة إلى أوروبا للإيقاع بضحايا جدد دون التوقف عند الأرواح التي تزهق في البحر.
طرق الهجرة إلى أوروبا
تتعدد الطرق التي يسلكها المهاجرون للوصول إلى أوروبا ولكنها بشكل رئيسي 4 طرق تصبح الخيارات أكثر تنوعاً بعدها وهي:
- ليبيا الطريق البحري الأول عبر المتوسط يشجعه الفراغ الأمني في ليبيا منذ 2011. ويعتبر خياراً لآلاف الأفارقة للعبور إلى إيطاليا كبوابة لبقية الدول الأوروبية.
- تونس باتجاه الجزر الإيطالية كذلك الهجرة إلى أوروبا من مصر بنفس الاتجاه.
- المغرب باتجاه السواحل الإسبانية وهنا يبرز الطريق الأقصر للهجرة وهو الطريق الذي يبدأ من الصحراء الغربية باتجاه جزر الكناري في إسبانيا.
- الهجرة إلى أوروبا عن طريق تركيا باتجاه قبرص أو اليونان عبر بحر إيجة.
وتظهر بين الفينة والأخرى طرق جديدة لا يتوانى الحالمون بالمستقبل الواعد عن تجربتها. كطريق بيلاروسيا الذي تم استخدامه كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي مع العبث بآمال آلاف اللاجئين الذين عاشوا ظروفاً مأساوية على حدود بيلاروسيا وليتوانيا. الجدير بالذكر كذلك أن الوصول إلى بعض الدول لأوروبية يتطلب سلوك طرق برية صعبة قد تعترضها الغابات بما فيها من حيوانات مفترسة في محاولات مضنية للبقاء بعيداً عن أنظار حرس الحدود. وقد شهدت هذه الطرق البرية أيضاً الكثير من الوفيات. كما ساهم الصقيع بدوره بزيادة حالات الموت بين المهاجرين.
كيفية الهجرة إلى أوروبا بطريقة شرعية
إذا كنت توازن الأمور بطريقة أكثر عقلانية وتبحث عن الهجرة إلى أوربا بطريقة شرعية. حتى لا يتعبك البحث بين مكاتب الهجرة إلى أوروبا نقدم لك الحلول التي قد تنجدك:
- القبول الدراسي في إحدى الجامعات الأوروبية وهي أنسب الطرق للشباب.
- تأشيرة العمل أو حضور المؤتمرات الدولية في المجالات المختلفة علماً بوجود شروط محددة للحصول على تأشيرة العمل.
- التأشيرة السياحية أو المشاركة في الفعاليات الرياضية أو الفنية.
- السفر عن طريق المنظمات أو الأعمال التطوعية.
- الهجرة إلى أوروبا بدون فيزا من خلال بعض البلدان التي لا تتطلب تأشيرة دخول.
- الزواج بمواطنة أوروبية وهي بالطبع ليست أفضل الطرق لما يتضمنه الزواج المؤقت بهدف الإقامة من عواقب قانونية.
- لم الشمل من خلال التسجيل في منظمة الهجرة الدولية وتختلف الإجراءات والأوراق المطلوبة من دولة إلى أخرى.
أسهل دولة يمكن الهجرة إليها
احتلت السويد وألمانيا الصدارة في قائمة الدول التي تطلب الهجرة إليها لعام 2022 بالإضافة إلى فنلندا والتشيك والدنمارك. بينما تعد نيوزريلندا أسهل دولة يمكن الهجرة إليها بسبب حاجة سوق العمل لديها ونقص المهارات واليد العاملة. أما خارج القارة الأوروبية فتبرز خيارات أستراليا وكندا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
في النهاية لسنا بصدد تقييم المستقبل في الوطن العربي. كما أن قرار الهجرة لا يعد قراراً خاطئاً في كثير من الحالات. لكن الطريقة التي يتم اتباعها والتغاضي عن أبسط مبادئ الامان والمعدات الوقائية كذلك الحمولة الزائدة هو أمر لايمكن تقبله بحال من الأحوال. إذ يعد القبول بالهجرة بطريقة كهذه نوعاً من الانتحار خاصة في الحالات التي يتم فيها اصطحاب النساء والأطفال إلى عرض البحر في طريق مجهول.