هو رجل ليس كبقية الرجال. زعيم من الطراز الرفيع. لا لأنه يستبد بسلطات واسعة. ولا لأنه فرض بقوة سوطه هيبته على الناس. أبداً ليس الأمر كذلك بل لأنه تزعم أرواح وقلوب الناس قبل المناصب والكراسي. هو زعيم الحق ومقاومة الاستبداد والعنصرية. مناصر المستضعفين والمنبوذين. صديق الضعفاء والمحرومين. أحبه كل حر شريف على امتداد مساحة الكرة الأرضية. يحيي العالم ذكرى ميلاده ويضيئون الشموع تخليداً لذكراه. ويعدون يوم ميلاده عيداً وَطَنِيًّا. هل عرفتم عن أي عظيم أتحدث؟ نعم إنه المناضل المهاتما غاندي.
مَن هو المهاتما غاندي
اسمه الحقيقي هو موهانداس كرمشاند غاندي. هندي الأصل ولد في الثاني من تشرين الأول من عام ألف وثمانمئة وتسعة وستين ميلادي في مدينة بوربندر الهندية. الواقعة بين مدينتي بومبي والسند وتحديداً في مقاطعة غوجرات الهندية. ومن ثم توفي عام ألفٍ وتسعمئة وثمانية وأربعين.
علاوة على ذلك أطلق عليه لقب المهاتما غاندي الذي يعني صاحب النفس العظيمة. كما يدعى صاحب القداسة تقديراً وتشريفاً له ولإنجازاته الإنسانية العظيمة ضد العنف والعنصرية والتطرف.
كما لقب أيضا بلقب “أبيّ الأمة” تشريفاً له ولدوره المقاوم العظيم.
بالإضافة إلى ذلك ينتسب العظيم المهاتما غاندي إلى عائلة هندية محافظة لها باع طويل في العمل السياسي.
في الواقع تزوج غاندي بحسب التقاليد في الهند مُبَكِّرًا في سن الثالثة عشرة من عمره. كما ورزق بأبناء كان أشهرهم أنديرا غاندي التي سارت على نهج والدها في المقاومة ومناصرة الحرية والأحرار. علاوة على ذلك لم يقف زواج غاندي عائقاً أمام طموحاته فقد تابع دراسته القانون في لندن.
كان المناضل المهاتما غاندي رجلاً مقاوماً من الطراز الرفيع. عُرف بتأييده المقاومة السلمية. ودعمه للثقافة التي تنبذ العنف. قاوم الاحتلال البريطاني لبلده الهند. ودعا الهندوسيون إلى احترام الديانات الأخرى ولا سيما الديانة الإسلامية.
ما هي أهم إنجازات غاندي في الهند
في الواقع كثيرة هي الإنجازات التي حققها العظيم المهاتما غاندي في الهند وفي البلدان الأخرى لعل من أبرزها ما يلي:
- أسس صحيفة كانت مهمتها الأساسية الدعوة إلى المقاومة السلمية ومن ثم عبّر من خلال هذه الصحيفة عن مبادئه التي تدعو إلى نبذ العنف. كما وأطلق على هذه الصحيفة اسم (الرأي الهندي).
- العمل والسعي الحثيث لضمان أمان الهنود المهاجرين والارتقاء بأخلاقهم وتعزيز ثقتهم.
- العمل والسعي الجاد من أجل إلغاء القانون الظالم الذي يحرم الهنود من حقهم في التصويت.
- تأسيس حزب “المؤتمر الهندي لتنال ” لمناصرة العمال الهنود المستضعفين في أرجاء العالم.
- دفع الحكومة البريطانية إلى التراجع عن قرارها في السماح للهنود بالهجرة إلى الجنوب الأفريقي فقط دون غيره من البلدان.
- محاولة إلغاء القانون الذي يمنع تنظيم عقود زواج لغير المسيحيين حصراً.
نضال المهاتما غاندي
عُرف العظيم المهاتما غاندي بمحبته للعدل والسلم. ونبذه العنف والظلم والتطرف. لذلك فإنه كان من أبرز الدعاة إلى النضال ضد الاحتلال البريطاني بالطرق السلمية. وقد قاد العديد من حملات المقاومة السلمية في بلده الهند. وتبعه الكثير من أفراد الشعب الهندي الذين وثقوا به. وآمنوا بمبادئه الداعية إلى نبذ العنصرية والعنف والتطرف. كما أن عددًا لا بأس به من العمال الذين يعملون في جنوب أفريقيا والذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة صينية وأندونيسية وهندية. إضافة إلى النزوح والوثنيين كل هؤلاء آمنوا بمبادئ غاندي واتبعوا خط نضاله. ذلك أنهم اكتشفوا مقدار صدقه في دعوته إلى هذه المبادئ ومدى إخلاصه. ولا سيما أن العظيم المهاتما غاندي قد وهب جميع أمواله من أجل تقديم العون للمحتاجين.
لم يعرف المناضل المهاتما غاندي التعالي أبداً. فقد كان قَرِيبًا من الطبقات المظلومة والمسحوقة يشاركهم طعامهم وهمومهم. تاركاً جميع مظاهر الترف والحضارة الزائفة. وهذا كان سبباً في ازدياد شعبيته ومحبة الناس له. حيث تبعه الكثير من دون أن يراودهم أدنى الشكوك تجاهه.
ما هي أهم المبادئ التي دعا إليها المهاتما غاندي
اشتهر العظيم المهاتما غاندي بالمبادئ التي دعا إليها والتي دافع عنها هو ومن تبعه من دعاة الحق والنضال السلمي وكان أبرز هذه المبادئ:
مبدأ الدفاع السلبي
في الواقع لقد استفاد المهاتما غاندي بشكل كبير من الفكر الديني الهندي القديم في في تطبيقه مفهوم اللاعنف. كما وفي حصوله واكتسابه لمبدإ القوة النابعة من المحبة والتي برأيه لها أثر أكبر بكثير من القوة النابعة من الخوف من العقاب. ومن ثم فقد دعا العظيم المهاتما غاندي إلى تطبيق مبدأ اللاعنف في الدولة والذي يؤدي إلى تلاشي العنف تَدْرِيجِيًّا من الدولة. كما واحترامه بصورة عالمية.
مبدأ الصواب
يقوم هذا المبدأ على التعلم من الخطأ ثم الوصول إلى الصواب من خلال التجربة وقد أكد في كتاب قام بتأليفه عن حياته وسيرته الذاتية أن الدرس الأول الذي يجب على الإنسان تعلمه هو التغلب على مخاوفه وأوهامه.
مبدأ النباتية
وهي الاعتماد في الغذاء على ما تنتجه النباتات فقط بعيداً عن المنتجات الحيوانية وهذا المعتقد والمبدأ كان واحداً من المعتقدات الهندوسية الأساسية. ومن الجدير بالذكر أن المهاتما غاندي وجميع أفراد عائلته كانوا نباتيين. ولكن شأنهم في ذلك شأن جميع الهندوسيين الذين كانوا يقطنون ولاية غوجارات التي ولد وعاش فيها العظيم المهاتما غاندي.
وفاة غاندي
في الواقع كانت رسالة غاندي العظيمة التي دعا إليها طوال حياته سبباً في وفاته. حيث تم اغتياله على يد مجموعة من الهندوسيين الذين استشاطوا غضباً منه. بسبب دعوته إلى احترام الدين الإسلامي واحترام حقوق المسلمين. فما كان منهم إلا أن اتهموه بالخيانة واعتبروا دعوته هذه بمثابة خيانة صريحة لهم وللديانة الهندوسية. فأخذوا قرارهم بالتخلص منه وقتله. فارتكبوا فعلتهم الشنيعة بحق العظيم المهاتما غاندي وبحق البشرية جمعاء حين قاموا بإطلاق ثلاث رصاصات حاقدة عليه.
توفي المناضل المهاتما غاندي في الثلاثين من شهر كانون الثاني من عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين. عن عمر ناهز الثمانية والسبعين عاماً. قضاها في النّضال والكفاح ضد الظلم والعنصرية والتطرف. رحل المهاتما غاندي ضحية العنف الذي نبذه طوال حياته. ولكن بما أن العظماء لا يموتون فقد بقي المهاتما غاندي حياً في قلب كل من فهم مبادئه وآمن بها. كما وفي قلب كل حرٍّ شريف على امتداد مساحة هذا العالم.
