الموسيقي المشهور بيتهوفن | حياته ونشأته وإلهامه
حين تتغلب العبقرية على أكبر الصعوبات وتشق طريقها وسط زحام الألم والمعاناة وتفرض ذاتها حقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء. فإنها بالطبع تترك أثراً قد تخلده الأيام أنا لا أتحدث عن موهبة عادية ولا عن شخصية تشبه غيرها من الناس. بل هو شخص لم ولن يكرره التاريخ نعم إنه الموسيقي المشهور بيتهوفن يا سادة.
قد يتساءل البعض عن أي معاناة أتحدث؟ ولماذا وصفت حياته بالصعبة؟ وهذا حقهم فمن يستمع إلى مقطوعات بيتهوفن الموسيقية الحالمة لا يخطر بباله ولو للحظة واحدة أنه كان ذات يوم طفلاً مقموعاً محروماً من أبسط حقوقه في الحياة وأعني حب اللعب مثلاً. أو اختياره أمراً يحبه. وحين تحدثت عن الألم والصعوبات إنما قصدت الصمم الذي أصاب عبقريتي هذا وحرمه من سماع أعظم مؤلفاته الموسيقية التي ألفها وأبدعها بعد أن أصيب بالصمم. هل تحبون معرفة المزيد عن هذه الأسطورة والموسيقى العظيم؟ فلنترافق سوياً في جولة إلى ألمانيا وفيينا حيث عاش بيتهوفن أجمل لحظات نجاحه وتميزه. وكذلك عاش فيها أقسى أيام حياته وإليكم المزيد.
لمحة عن نشأة الموسيقي المشهور بيتهوفن
ولد الملحن الألماني لودفيج فان بيتهوفن في بلدة بون الصغيرة على نهر الراين عام ألف وسبعمئة وسبعين. وقد أطلق والده عليه اسم بيتهوفن نسبة إلى اسم جده لودفيج بيتهوفن. وكان والده يوهان يعمل رئيس الأساقفة في الكنيسة. وكان شديد الإعجاب بموسيقى العبقري موزارت لذلك فقد بذل أقصى ما في وسعه لكي يجعل من بيتهوفن موسيقياً بعبقرية موزارت فدأب على تنمية موهبة ولده بشتى الطرق. والتي كانت في أغلب الأحيان لا تخلو من القسوة والصرامة الشديدة. على الرغم من أن بيتهوفن نفسه لم يتأثر بموزارت بالقدر الذي أثر فيه الموسيقي كريستيان جوتلوب نيفي الذي يعتبر أهم الشخصيات التي أثرت على بيتهوفن. فقد تلقى على يديه أول درس ممنهج في العزف على البيانو. كما قام بتعريفه على أعمال أعلام في عالم الموسيقى. ومن ثم التأليف الموسيقي من مثل الموسيقي يوهان باخ والملحن الألماني كارل فيليب باخ.
ومن ثم في سن الحادية عشرة من عمره عمل بيتهوفن عازفاً في المحكمة. وأصدر أول مؤلفاته في عمر الثانية عشرة وفي سن الثالثة عشرة جرى تعيينه عازفاً في المحكمة من المرتبة الثانية.
في سن السابعة عشرة سافر إلى فيينا مدة قصيرة حيث عزف هناك للموسيقي موزارت وتألق في ذلك.
في الواقع لقد درس بيتهوفن في المدارس العامة وتعلم الموسيقى في منزله بمساعدة من والده.
امتهان بيتهوفن العزف
انتقل بيتهوفن إلى النمسا وهناك عمل ملحناً وعازف بيانو ليكسب عيشه بعيداً عن العزف في المحكمة. أو الكنيسة أو حتى في قصور الأغنياء. وخلال عمله في النمسا تمكن من جمع ثروة لا بأس بها.
اعتمد بيتهوفن في الأعمال التي ألفها على أعمال الموسيقار النمساوي هايدن والموسيقي العظيم موزارت. حيث قام بتطوير السوناتا عنهما بإضافة حركات أطول وتعتبر أعماله هي من حددت الاتجاه الرومانسي. حيث وصف بيتهوفن بأنه مؤلف رومانسي تمكن من تأليف مقطوعات موسيقية لا عيب فيها. خالية من الأخطاء لامست الكمال في صفاتها. وكان من أبرزها في هذه الفترة بيانو سوناتا 32 والسمفونية التاسعة وكذلك السلسلة الرباعية رقم 32.
أهم أعمال ومنجزات الموسيقي المشهور بيتهوفن
تعددت إنجازات بيتهوفن وتنوعت أعماله ومؤلفاته التي كان من أهمها السمفونيات والمجموعة الرباعية والأوبرا وموسيقى الحجرة وغيرها كما قام بتطوير السوناتا التي أنشأها موزارت وهايدن فأطال حركاته وقام بتمديدها بشكل أكبر.
ولعل أبرز إنجازات بيتهوفن في مجال الشكل الموسيقي هو إعطاؤه تعريفاً جديداً للسمفونية. يختلف عن سابقه بشكل كبير حيث حول الحركات الأربع التي وضعها هايدن إلى شكل مفتوح. مع الحفاظ على بعض الحركات الضرورية.
كما أن من أهم إنجازات بيتهوفن الموسيقية هي السوناتا وكذلك الحفلات الموسيقية فغدت جميع الحفلات الموسيقية تفتتح بسمفونيات بيتهوفن.
كما قام بتأليف السمفونيات التسع التي غدت نموذجاً يحتذى به في مجال الأدب السمفوني. بسبب ما حملته من مزايا فريدة كالتلاعب بالأدوات الموسيقية وقدرتها المذهلة على الوصول إلى المشاعر الإنسانية وإيصال الوعي الجماعي.
علاقة بيتهوفن بالناس
وصف الموسيقي المشهور بيتهوفن بأنه شخص مزاجي حاد الطباع. ففي أغلب الأحيان كان سيئ المزاج ومع ذلك أحبه الناس كثيراً بسبب ما قدمه من موسيقا راقية وممتعة في نفس الوقت. حيث اتصفت موسيقاه بالعاطفة الجياشة والحماس مما جعلها تعجب جميع الناس على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية أغنياء وفقراء. فكان الناس يقضون وقتاً ممتعاً في الجلوس والاستماع إلى موسيقا بيتهوفن. الأمر الذي دفع الحكومة إلى إنشاء قاعات خاصة للاستمتاع بموسيقى بيتهوفن واستعانت بأوركسترا للعزف في هذا الحفل.
واستجابة لرغبة الناس قام بيتهوفن بأداء هذا الحفل حيث قام بزيادة حجم الأوركسترا وأضاف إليها آلتا الكوترا الحافلة والبيكولو وذلك بهدف الحصول على صوت أقوى. ولقد حظي حفل بيتهوفن هذا بشهرة كبيرة وقام بتقديم موسيقاه بأسلوب تصويري فاستخدم موسيقاه لرسم صور للأحداث والمعارك وأمواج البحر الهائجة حيناً والهادئة حيناً آخر. كما صور في مقطوعاته الريف الساحر وهدوءه الجذاب.
إصابة بيتهوفن بالصمم
عُرف بيتهوفن في بداية حياته وشبابه بحاسة سمع مرهفة وقوية. ولكن لأن دوام الحال من المحال فلم يبق سمع بيتهوفن قوياً مع التقدم في العمر. حيث بدأ مع مرور الوقت يعاني من عدم قدرته سماع الأصوات العالية جداً. وكان هذا مؤشراً على إصابته بمرض الصمم الحسي العصبي. ولم يكن قد تقدم في العمر بعد إذ إن بوادر إصابته بالصمم كانت في عمر السابعة والعشرين.
صدم بيتهوفن لإصابته. وأخفى مرضه عن الناس مدة ثلاث سنوات. عانى خلالها من الكثير من الأعراض التي رافقت مرضه كتألمه بشدة تجاه الأصوات. حيث تؤلمه أبسط الأصوات كالسعال والضحك القوي. إضافة إلى أعراض أخرى كالتعرق المفرط وطنين مستمر في أذنيه. فعاش في آخر أيامه حياة حزينة بائسة. دفعت به إلى حالة من الخوف والعزلة عن الناس.
وفاة بيتهوفن
عاش بيتهوفن في معظم حياته وحيداً فهو لم يتزوج. وربما يعود سبب عدم زواجه إلى صعوبة مزاجه وطباعه الحادة. وعلى الرغم من هذا فقد كان له عدد من الأصدقاء المخلصين الذين وقفوا إلى جانبه في أوقاته الصعبة. ساءت حالة بيتهوفن الصحية في الفترة الأخيرة من حياته حيث أصيب بتورم في قدميه وانتفاخ في بطنه نتيجة احتباس السوائل في جسمه. وعانى من قيء مستمر بشكل يومي أرهقه وجعل قواه تنهار.
وفي صبيحة الرابع والعشرين من شهر آذار عام ألف وثمانمئة وسبعة وعشرين توفي بيتهوفن بعد غيابه عن الوعي عدة أيام.
لقد كان موت بيتهوفن خسارة للإنسانية جمعاء. حزن الجميع لموت بيتهوفن. وقد قيل إنه من بين كل عشر شخصا في فيينا حضر شخص جنازة بيتهوفن. وذلك بسبب شعبيته الكبيرة ومحبة الناس له.
وأخيراً يمكننا القول إن بيتهوفن كان شخصاً استثنائياً بحق. إذ أثبتت مؤلفاته الخالدة أنه أهم الموسيقيين العالميين على مر التاريخ منذ بزوغ نجمه وحتى يومنا هذا.