ليفاندوفسكي وبنزيما وفاردي | لاعبين زاد إبداعهم بعد سن الثلاثين
Lewandowski, Benzema and Vardy | Players whose creativity increased after the age of thirty
يقال إن القدرة على ضخ الأكسجين في جميع أنحاء الجسم هو أول ما يميز مرحلة الشباب. حيث لا يستطيع القلب الخفقان بالسرعة الكافية لضخ الدم في جميع أنحاء الجسم بعد عمر معين، وهذا ما يعيق الرياضيين للعب طوال حياتهم. سنتحدث في مقالتنا هذه عن ليفاندوسكي وبنزيما وفاردي، لاعبين زاد إبداعهم بعد سن الثلاثين.
فكما نعلم أن متوسط مسيرة لاعبي كرة القدم، هي 17 عام من اللعب. أي ما يعادل 34 عام كمتوسط لسن الاعتزال. حيث تبدأ ألياف العضلات السريعة في التدهور. السرعة والقوة وخفة الحركة تفقد رونقها. حتى يصبح جسم الرياضي يستنفذ احتياطيات الطاقة مبكراً. ويصيبه تراجع في كتلة العضلات. ثم تفاقم الأوجاع والآلام، وتيبس الأطراف وصرير المفاصل.
هذه هي الحقيقة القاسية لكل شخص منا مع دخولنا الثلاثينيات سواء أكنا رياضيين أم لا. لكن بالنسبة للاعبي كرة القدم النخبة، فهذه هي الخبرة التي تقود قواهم الخارقة. ويهيمنون حاملو الرقم 9 من قلوب الهجوم على هذه الميزة أكثر من غيرهم من لاعبي الوسط والدفاع.
البولندي روبرت ليفاندوفسكي
(33) عام، وهو هداف دوري أبطال أوروبا هذا الموسم وقد سجل بالفعل أكثر من 30 هدف في الدوري الألماني، لا نختلف في جودة هذا اللاعب البولندي منذ ظهوره وشهرته في بوروسيا دورتموند، لكنه تحول لماكينة أهداف حقيقية عندما تخطى الثلاثين من عمره.
يكمل قلب الهجوم البولندي عامه الرابع والثلاثين بعد أشهر معدودة. وحسب التوقعات أنه سيتابع بهذا المستوى التهديفي لسنتين على الأقل. ولما لا أن نشاهد روبرت يلعب لأكثر من عشرين عام على المستوى الاحترافي.
لاعبين زاد إبداعهم بعد سن الثلاثين
سيرو إموبيلي (32 عام) هو أفضل هداف في الدوري الإيطالي. كريم بنزيما 34 عام، ومتصدر في الموسم الحالي ترتيب الهدافين في الدوري الإسباني. وسام بن بدر (31 عام) وهو هداف الدوري الفرنسي. كيف يستمر هؤلاء المهاجمون المخضرمون في الازدهار وهم منطقياً في نهاية مسيرتهم المهنية؟
يجب أن يصل الرياضيون إلى ذروة قوتهم في منتصف العشرينات من العمر ثم يسقطون في تراجع لا رجعة فيه في أغلب الأحيان. يرتبط هذا بالبيانات المستخرجة من سجل أرقام الدوري الإنجليزي الممتاز. خلال منتصف التسعينيات، زينت مجموعة عتيقة من المهاجمين الإنجليز حقبة ذهبية بشغف مشترك بتسجيل الأهداف والأرقام القياسية في العشرينات من العمر.
فسجل آندي كول، الذي يحتل المركز الثالث في قائمة الهدافين في الدوري الإنجليزي الممتاز، أعلى عائد له في موسم واحد بلغ 41 هدفاً خلال موسم 1993-1994 عندما كان يبلغ من العمر 23 عام. سجل روبي فاولر 36 هدفاً في موسم 1995-96 عندما كان يبلغ من العمر 21 عام، وهي حصيلة لن يتفوق عليها أبداً. حيث لم يسجل أرقاماً مضاعفة في موسم واحد بعد أن بلغ الثلاثين من العمر.
ولا ننسى أحد أعظم هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز، آلان شيرر، الذي حقق أفضل موسم له في 1994-95 ، حيث سجل 34 هدف في سن 25. وهذا ما كنا نلاحظه من مهاجمي الجيل القديم، فكانت أوج عطاءاتهم في منتصف العشرينات، وبداية تدهور المستوى بعد الثلاثين. لكن الجيل الحديث من المهاجمين يزيد إنتاجية وإبداعاً وخبرة فور دخوله معترك الثلاثين.
كلام الإخصائيين عن اللاعبين بعد سن الثلاثين
يقول نيك غرانثام، أخصائي تحسين الأداء الذي يعمل مع لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز. “يمتلك اللاعبون الشبان الأساسيات القوية، كالسرعة والتحمل والحماس، ولهذا السبب غالباً ما تراهم يبدعون في هذه الفترة من مسيرتهم”. “ثم يتعرضون لبعض الانخفاض عندما تلاحقهم شدة المنافسة. يلعب أفضل اللاعبين كل ثلاثة إلى أربعة أيام، ويصلون سرعات قصوى ويقطعون مسافات كبيرة ويصارعون على الأرض. الاستمرار في التعافي من هذا يمثل تحدياً”. وأكمل: هذا ما يحصل مع اللاعبين بعد سن الثلاثين، حيث يستغل اللاعبين حماسهم في العشرينيات، وينخفض المستوى لشدة المنافسة في بداية الثلاثين. لكن مع تطور الكرة وتكافئ اعتماد المدربين على عنصري الخبرة والشباب، أصبح للمهاجم الخبرة المساحة الكافية للإبداع أكثر واستغلال حسه التهديفي أكثر على المرمى.
يقول Mo Gimpel، المدير السابق لعلوم الأداء في ساوثهامبتون، “يمكن أن تتعرض لإصابة طفيفة عندما تكون لاعبًا صغيراً، ولكن عندما تصل إلى الثلاثينيات من العمر، تصبح مشكلة الغضروف الصغيرة في ركبتك أكثر وضوحاً”. “إذا أصبت كاحليك من 10 إلى 12 مرة خلال مسيرتك المهنية، فسيصبح المفصل غير مستقر، ويبدأ في التسبب بالاحتكاك المسبب للوجع. تقل قدرتك على الشفاء ويصبح الألم شديداً”. والأمثلة كثير على لاعبين لم يستطيعوا التعافي من إصاباتهم بعد عم الثلاثين. لكن أيضاً مع تطور الطب الرياضي، بالإضافة لخبرة المهاجمين المذكورين، في تفادي مثل هذه الإصابات الخطرة.
كما أعطت التطورات العلمية للاعبين المعرفة التي يحتاجون إليها لإبطاء آثار الشيخوخة وبناء جيل جديد من المديرين الفنيين لهذه الأساليب. وتشجيع لاعبيهم على الاستماع إلى أجسادهم بدلاً من محاولة “التخلص منها”.
كريم بنزيما لاعب أثبت وجوده بعد الثلاثين
ثلاثية في مرمى تشيلسي، ثنائية في مرمى الفريق الباريسي “باريس سانت جيرمان في الأبطال”، هداف الدوري الإسباني مع فريقه ريال مدريد، هداف المنتخب الفرنسي منذ رجوعه له. كل هذه الأرقام والإبداعات وهو في الرابعة والثلاثين من عمره.
ما يرجع له من أسباب دقيقة لثورة كريم بنزيما في المستوى العالي الذي يقدمه، هي شخصية كريم الهادئة والمتزنة واستغلال خبرته في عشرينياته عندما لعب مع كبار المهاجمين مثل كريستيانو رونالدو وراؤول وتيري هنري وغيرهم الكثير، فطبق ما تعلم منهم ولم يستسلم لنظرية أن اللاعب يتراجع مستواه بعد الثلاثين. وكمثال آخر لنجم سطع بريقه بعد دخوله معترك الثلاثين، وهو جيمي فاري الذي سجل 94 هدف من أصل 128 في الدوري الإنجليزي بعد عيد ميلاده الثلاثين.
وفي نهاية مقالتنا “ليفاندوسكي وبنزيما وفاردي، لاعبين زاد إبداعهم بعد سن الثلاثين“. نصل لحقيقة مقولة أن العمر مجرد رقم. وهذا ما أثبته هؤلاء اللعبين اللذهين طبقوا النظرية، وما زالوا يمتعوننا، ولعلك تتتساءلعن أهم مثال عن مقالتنا وهو زلاتان إبراهيموفيتش. لكن سيكون للسلطان مقالة خاصة تدرس مسيرته وسر وصوله لسن ال40 بهذا المستوى.
تابع ملهمون فلعلك تكون ملهمًا يومًا ما.