الوقاية من الحصيات الكلوية 10 طرق مثبتة طبيا
أخبرتني إحدى المريضات ذات مرة بأن الألم الذي عانت منه أثناء إصابتها بالحصيات الكلوية كان أشد من ألم الولادة الذي عاشته أثناء ولادة أطفالها الأربعة، ولا يبدو أنها كانت تبالغ في وصف ذلك الألم، فمن المعلوم أنه واحد من أشد الآلام التي يعاني منها الإنسان في حياته. كما أن نسبة المصابين بالحصيات الكلوية بدأت بالازدياد بشكل كبير مؤخرا، ولكن لحسن الحظ هناك بعض الخطوات الفعالة التي يساعد تطبيقها على الوقاية من الحصيات الكلوية وتجنب حدوثها، وسنوضحها لك في هذا المقال مع لمحة سريعة عن أعراض هذا المرض وعلاجه.
كيف تتشكل الحصيات الكلوية
يحوي البول في الحالة الطبيعية مجموعة من الأملاح والمعادن التي يقوم الجسم بطرحها عبر الكلى ليحافظ على تركيز محدد للسوائل والأملاح. ولكن عندما يزداد تركيز هذه المواد في البول لأسباب تتعلق بنمط حياة الشخص أو عوامل وراثية لديه فإنها تتجمع مع بعضها مشكلة كتلًا صلبة في الجهاز البولي تدعى بالحصيات. حيث تتشكل بدايةً في الكلية ثم تنتقل لباقي أجزاء الجهاز البولي وتسبب أعراضًا مختلفة بحسب حجمها ومكان توضعها.
وتعتبر الحصيات الكلوية مشكلة شائعة الانتشار وخصوصًا لدى الرجال في منتصف العمر. ويزداد خطر حدوثها مع تقدم السن. كما شهد العالم مؤخرًا زيادة كبيرة في نسبة حدوث الحصيات الكلوية لدى مختلف الشعوب. وقد يعود ذلك إلى نمط الحياة الحديث المعتمد على الأطعمة السريعة الغنية بالأملاح وانخفاض النشاط الفيزيائي
يبلغ خطر الإصابة بالحصيات الكلوية في عموم السكان حاليًا 11% للرجال و9% للنساء.
ويلعب التأهب الوراثي دورًا في الإصابة، حيث قدرت دراسة نسبة وراثة الحصيات الكلوية ب56% وأشارت دراسات أخرى إلى أرقام أكبر. ولذلك فإن معظم هؤلاء المرضى لديهم أقرباء آخرون مصابون بالحصيات.
أعراض الحصيات الكلوية
يختبر مرضى الحصيات الكلوية مجموعة متشابهة من الأعراض تتضمن مايلي:
الألم
وهو ألم شديد مغصي لا يمكن تحمله يدعى بالقولنج الكلوي يجعل المريض يتلوى من الألم ويغير وضعيته باستمرار. وينجم هذا الألم عن تحرك الحصاة والانسداد والتخريش الذي تسببه. ويتوضع هذا الألم عادة في منطقة الخاصرة وبالقرب من أسفل الظهر. كما يمكن أن ينتشر بحسب موقع الحصاة إلى المنطقة الإربية والصفن عند الذكور والشفر الكبير عند الإناث.
الغثيان والإقياء
ينتج الغثيان والإقياء عن تنبيه الأعصاب في الجهاز الهضمي بسبب التمطط الذي تحدثه الحصاة في الحالب أو الكلية والألم المرافق لها. حيث يوجد تعصيب مشترك بين الكلية والسبيل الهضمي.
الإلحاح البولي
يشعر مريض الحصيات البولية برغبة ملحة في التبول أو عدم اكتمال عملية التبول.
تغير لون البول
حيث يتحول لون البول إلى البني أو الأحمر بسبب النزف الناتج عن تخريش الحصاة للطرق البولية. كما يصبح البول مركزًا أكثر وقليل الكمية عندما تسد الحصاة إحدى الحالبين بشكل كامل مما يؤدي إلى استسقاء الكلية (تورم الكلية) ومنعها من إفراغ البول. وهي حالة تتطلب مراجعة الطبيب فورًا.
الحمى
ليس من المفترض أن تترافق الحصيات البولية مع حمى، ولكن وجودها يدل على حدوث إنتان (عدوى جرثومية) في الجهاز البولي.
علاج الحصيات البولية
يختلف علاج الحصيات بحسب حجمها. حيث تنزل الحصيات الصغيرة التي لا يتجاوز قطرها 6 ملم بمفردها أو بمساعدة بعض الأدوية الموسعة للحالب كحاصرات ألفا. بينما تحتاج الحصيات الأكبر حجما تداخلًا تنظيريًا أو تفتيتًا بالأمواج الصادمة من خارج الجسم. وقد يخضع العديد من المرضى لعمليات جراحية لاستئصال الحصيات ذات الحجم الكبير التي لا تنجح معها الطرق السابقة.
الوقاية من الحصيات الكلوية
نظرًا لشيوع المشكلة وصعوبة التعامل معها فإن نشر ثقافة الوقاية أمر مهم وخصوصًا لدى الأشخاص المؤهبين للإصابة بسبب وجود أقارب مصابين أو اتباع نمط حياة غير صحي. وتتضمن أهم إجراءات الوقاية مايلي:
- زيادة الوارد من السوائل: وهي الخطوة الأهم للوقاية. لأن انخفاض الوارد اليومي من السوائل يزيد من كثافة البول ويرفع تركيز الأملاح فيه. مما يؤهب للإصابة بالحصيات. ولذلك احرص على تناول ما لايقل عن 8 أكواب من الماء يوميًا وتجنب التعرق المفرط في الأيام الحارة لما يسببه من تجفاف. ويمكنك التأكد من كفاية مدخولك من السوائل عبر مراقبة تغير لون البول. فالطبيعي أن يكون أصفر فاتح اللون، والبول الغامق والمركز يدل على نقص في كمية السوائل الواردة إلى الجسم.
- الفاكهة الحمضية: تعتبر الفاكهة الحمضية مثل البرتقال والليمون غنية بالسيترات. وهي مادة مهمة تثبط تكون الحصيات.
- تخفيف الوارد من الملح: إن الغذاء الحاوي على كميات كبيرة من الأملاح وخصوصًا أملاح الصوديوم يثبط امتصاص الكالسيوم من البول مما يؤدي إلى زيادة تركيزه وزيادة فرصة تشكل حصيات الكالسيوم التي هي أشيع أنواع الحصيات على الإطلاق. لذلك من الضروري تجنب بعض الأطعمة الغنية بالملح مثل الوجبات السريعة والأطعمة المدخنة والمقرمشات.
- تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم: عندما يسمع البعض بحصيات الكالسيوم يظنون بأن التقليل من تناول الكالسيوم يساهم في حل المشكلة. لكن هذا بالتأكيد غير صحيح. لأن الكالسيوم يرتبط في الأمعاء مع بلورات الأوكزالات ويقلل من إطراحها في البول. مما يساهم في الحماية من حصيات أوكزالات الكالسيوم.
- تخفيف الوارد من البروتين: يساهم الوارد العالي من البروتين في جعل وسط البول أكثر حموضة ويساعد على تشكل حصيات حمض البول. وبالتالي لابد من ضبط معدل استهلاك البروتين الحيواني عبر تحديد المدخول الأسبوعي من اللحوم الحمراء والأطعمة البحرية والبيض.
أساليب أخرى للوقاية من الحصيات
- تجنب المشروبات الغازية: أفادت دراسة نشرتها مجلة the American society of nephrology بأن استهلاك المشروبات الغازية والمحلاة بالسكر يزيد خطر الإصابة بالحصيات الكلوية بنسبة 33%. وقد يعود ذلك إلى محتواها العالي من سكر الفركتوز.
- تجنب الأطعمة الحاوية على الأوكزالات: إن زيادة الوارد من الأوكزالات يسهل فرصة ارتباطه مع الكالسيوم لتشكيل حصيات أوكزالات الكالسيوم، ويأتي على رأس الأطعمة الغنية بالأوكزالات السبانخ والشوكولا والمكسرات والشاي.
- تناول القهوة: أثبتت دراسة نشرتها national kidney foundation بأن استهلاك كوب إلى كوب ونصف من القهوة يوميًا يساهم في الوقاية من الحصيات الكلوية. حيث يقلل خطر الإصابة بها بنسبة 40%.
- الابتعاد عن أقراص الفيتامين c: لقد أكدت الأبحاث بأن الاستهلاك المنتظم طويل الأمد لمكملات فيتامين c المصنعة مرتبط بخطر تطور الحصيات الكلوية. لذلك تبقى المصادر الطبيعية الخيار الأفضل للحصول على حاجتك من هذا الفيتامين.
- الشاي الأخضر: أشارت دراسة كورية ضمن المختبر إلى تناول الشاي الأخضر له تأثير محتمل في الوقاية من الحصيات الكلوية.
وفي الختام، نأمل أن تساهم هذه الإرشادات في نشر الوعي حول الوقاية من الحصيات الكلوية. وأن تقلل من نسب الإصابة التي ارتفعت بشكل كبير مؤخرًا. لأن أضرارها لا تقتصر فقط على الألم بل تتعداها إلى تأثيرات خطيرة على الكلية إذا تم إهمالها على المدى البعيد.