هل يمكن الشفاء من مرض الشلل الرعاش؟ وكيف يتم تدبيره؟
الشفاء من مرض الشلل الرعاش يعتبر الهدف الجديد الذي وضعه الباحثون نصب أعينهم، ذلك بالاستفادة من التقنيات الحديثة لزرع الأمل في نفوس المرضى. في هذا المقال من موقع ملهمون، سوف نعرض جميع التدابير المتبعة لتقيل أعراض مرض الشلل الرعاش، وتحسين نوعية حياة المرضى.
ما هو الشلل الرعاش (باركنسون)؟
الشلل الارتعاشي مرض عصبي تنكسي، يحتل المرتبة الثانية في الأمراض التنكسية بعد الزهايمر Alzheimer. كما أن باركنسون مرض مزمن، يتفاقم تدريجياً وفق وتيرة بطيئة، بالتالي يزداد احتمال الإصابة به مع تقدم عمر المريض. حيث يبلغ معدل الإصابة به شخص من أصل 100 قبل عمر ال 60 سنة، في حين ترتفع النسبة إلى شخص من أصل 10 بعد عمر ال 85 سنة. في سياق آخر، ينتج مرض باركنسون عن تموت (تنكس) الخلايا الموجودة في منطقة المادة السوداء substantia nigra. إن الخلايا السابقة مسؤولة عن إنتاج الناقل العصبي الدوبامين Dopamine ، المسؤول عن تنظيم وتنسيق الحركات العضلية. وبما أن الخلايا العصبية من فئة الخلايا النبيلة، فإن هذا التخرب غير قابل للتعويض، بالتالي فإن الشفاء من مرض الشلل الرعاش لا يمكن أن يحدث عفوياً.
أعراض الشلل الرعاش
كثيراً ما يتم تجاهلها واعتبارها أعراض طبيعية للشيخوخة، كون أغلب المرضى من المسنين. لكن اجتماع الأعراض الحركية مع الأعراض غير الحركية للمرض، يجب أن يخلق تساؤل حول احتمال كون المريض مصاب بمرض باركنسون.
أعراض حركية
الأعراض الحركية لمرض باركنسون، غالباً ما تبدأ في قسم من الجسم (الأيمن أو الأيسر). ومع استفحال المرض تنتقل لتصيب الجانبين، لكنها تبقى أشد في الجانب الذي ظهرت فيه بدايةً. من الشائع أن تبدأ الأعراض الحركية بالرجفان (ارتعاش)، الذي يظهر عندما تكون العضلات مسترخية، في وضعية الراحة. وتعد راحة اليدين والفكين أشيع أجزاء الجسم إصابةً بالارتعاش، علماً أنه قد يصيب أي مجموعة عضلية. بالانتقال إلى العرض الحركي الثاني نجد أن الصلابة العضلية (اليبوسة)، يزداد تواتر حدوثها عند مرضى باركنسون. كما أن البطء الحركي يلعب دوراً في تفاقم أعراض المرض، ويؤثر على طبيعة حياة المريض ومشيته. وأخيراً لا تقتصر الإصابة العضلية على العضلات المحيطية، بل أنها تصيب عضلات الأجهزة الداخلية. حيث يؤدي بطء حركة عضلات الأمعاء إلى حدوث الإمساك عند المرضى، كما أن إصابة عضلات البلعوم تسبب صعوبة بلع.
أعراض غير حركية
قد تسبق ظهور الأعراض الحركية بأعوام، ولكنها عاجزة عن وضع تشخيص داء باركنسون بمفردها. حيث غالباً ما يصاب المريض بالاكتئاب قبل عدة سنوات، ولكن يتم تشخيصه كاكتئاب معزول، وليس كجزء من داء باركنسون. كما قد يصاب المريض باضطراب حاسة الشم، تتراوح بين اضطراب رائحة مواد كانت مألوفة، حتى فقدان الحاسة تماماً. إن الأعراض السابقة تعتبر الأشيع، ويرافقها في هذا التصنيف اضطرابات النوم، التي قد تشمل الأرق أو حركات لا إرادية للعضلات أثناء مرحلة النوم العميق REM. بالإضافة لما سبق تشيع الإصابة بالاضطرابات العقلية والمعرفية، مثل مشاكل الذاكرة والعته والزهايمر. لكن غالباً ما يواجه الأطباء مشكلة في تحديد ما إذا كانت هذه الأعراض ناتجة عن مرض الشلل الرعاش، أو عن التقدم بالعمر.
هل الشفاء من مرض الشلل الرعاش ممكن؟
إن الشفاء التام من مرض الشلل الرعاش غير ممكن حالياً، على الرغم من الوسائل المختلفة لمحاولة تخفيف أعراضه عند المرضى. حيث يتم اللجوء إلى تدابير عامة داعمة للمريض، وكذلك إلى بعض الأدوية التي تؤثر على مستوى الدوبامين في الدماغ. بالإضافة لما سبق يتم استخدام جراحات دقيقة لتحفيز مناطق معينة من الدماغ، ذلك كخطوة أخيرة لتدبير الأعراض.
اجراءات عامة لتدبير الأعراض دون الشفاء من مرض الشلل الرعاش
تتمحور هذه الاجراءات حول تغيير نمط حياة مرضى الشلل الرعاش، والاتجاه نحو نمط أكثر صحية ونشاط، عبر الخطوات التالية:
- توكيل المريض بأكبر قدر من المهام اليومية البسيطة.
- ممارسة الرياضة المعتدلة المناسبة.
- الاهتمام بتغذية المريض، والإكثار من مضادات الأكسدة والفيتامينات والألياف .
- الحرص على سلامة المريض، بإزالة كل ما يمكن أن يسبب تعثره، وإضافة الدعامات التي تساعده على المشي والوقوف.
- ممارسة الألعاب الذهنية التي تحافظ على ذكاء المريض وذاكرته، مثل الكلمات المتقاطعة.
- كشف أي عرض بشكل باكر، واستشارة الطبيب مباشرةً قبل تفاقمه.
أدوية مرض الشلل الرعاش
الدوائين الأكثر شهرة للتعامل مع مرض الشلل الرعاش هما: الليفودوبا levodopa و كاربيدوبا Carbidopa، حيث يتم تناولهما عن طريق الفم. يعمل الليفودوبا كطليعة للدوبامين، حيث يتحول بعد تناوله، في جسم الإنسان إلى دوبامين Dopamine. أما الكاربيدوبا فيقلل تحول الليفودوبا المحيطي (خارج الجهاز العصبي المركزي) إلى دوبامين، ذلك لضمان وصول أكبر جرعة من الدوبامين إلى الدماغ، ولتقليل الأعراض الجانبية. في حين لا يمكن تناول الدوبامين كما هو كعلاج، وذلك لأنه غير قادر على عبور الحاجز الدماغي الشوكي، والوصول إلى الدماغ. إن الاستخدام المديد لليفودوبا قد يسبب أعراض جانبية تشمل (الغثيان والإقياء واضطرابات الضغط الدموي وغيرها)، كما قد تقل فعالية الدواء مع الزمن. لذلك يلجأ بعض الأطباء إلى تأخير وصف الدواء أطول مدة ممكنة، أو قد يلجؤون لوصف جرعات منخفضة منه ورفعها مع تقدم عمر المريض.
جراحة تحفيز الدماغ العميق
أكثر ما يستفاد منها المرضى الذين يعانون من حركات لا إرادية وارتعاش، بعد فترة طويلة من استخدام الليفودوبا. حيث يتم زرع أقطاب دقيقة بشكل جراحي في العقد القاعدية للدماغ، ويتم التأكد من توضعها باستخدام الطبقي المحوري CT أو الرنين المغناطيسي MRI. من خلال هذه الأقطاب يتم إرسال إشارات كهربائية للدماغ، كفيلة بتقليل الحركات اللاإرادية والارتعاش عند غالبية المرضى. إلا أن الجراحة السابقة غير متوفرة على نطاق واسع، حيث يقتصر إجراؤها على مراكز الأبحاث المتخصصة.
بهذا نكون قد أنهينا مقالنا عن إمكانية الشفاء من مرض الشلل الرعاش، حيث عرضنا فيه أهم الطرق المتبعة لتحسين حياة المرضى وتقليل أعراضهم، مع تمنياتنا لكم بدوام الصحة والعافية.
تابع ملهمون لعلك تكون ملهماً يوماً ما.