رغم التطور المبهر الذي توصل إليه الطب الحديث في علاج مختلف الأمراض هذا القرن، إلا أن عددًا لا بأس به من الناس لا يزال يبدي اهتمامًا كبيرًا بالطب التقليدي والعلاج البديل. وتعد الحجامة واحدة من أهم هذه العلاجات التي تلقى رواجًا واسعًا وتحظى بسمعة جيدة في الأوساط الشعبية. ولكن ماهي فوائد وأضرار الحجامة ومن هم الأشخاص الممنوعون من الحجامة؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنجيب عنها في الأسطر القادمة.
ماهي الحجامة؟
الحجامة هي إحدى تقنيات الطب البديل التي عرفتها الشعوب منذ أقدم العصور. فقد ذكرها الفراعنة والعرب المسلمون في كتبهم و أشار إليها الصينيون أيضًا كإحدى الأساليب العلاجية المرافقة للوخز بالإبر.
وتتلخص عملية الحجامة في إحداث ضغط سلبي ضمن كأس خزفي أو زجاجي عبر إشعال فتيل من النار فيه لاستهلاك الأوكسجين الموجود داخله ثم انتظار النار حتى تخمد ذاتيًا وتطبيق الكأس بشكل مباشر على مناطق محددة من الجسم. ويعد الظهر والأكتاف والعنق أبرز المناطق التي تستهدفها الحجامة. كما يمكن تطبيقها أحيانًا على الأرداف أو البطن أو الوجه.
ويؤدي الضغط السلبي والحرارة الذي يوفره الكأس الزجاجي إلى احمرار الجلد واندفاعه ضمنه ليسبب تلك العلامات الدائرية المعروفة بالنسبة للجميع. كما ينتج عن ارتفاع الضغط الموضعي في منطقة الكأس تجمع الدم في الشعيرات الدموية وانفجارها، مما يدفع الجسم إلى تمييزها على أنها إصابة رضية وتعزيز تدفق الدم للمنطقة لتسريع عملية الشفاء فيها.
و يمكن استخدام كأس حراري واحد أو كأسين في البداية، لتحديد مدى الاستجابة لدى الشخص ثم زيادة العدد بعد ذلك.
أنواع الحجامة:
يوجد نوعان معروفان للحجامة وهما:
الحجامة الجافة:
وتعتمد على الضغط الذين يسببه استخدام الكؤوس الحارة على الجلد لزيادة تدفق الدم للمنطقة دون أن ينزف للخارج.
الحجامة الرطبة:
تختلف الحجامة الرطبة عن الجافة في أنها تتضمن إحداث جروح سطحية لتسمح للدم بالخروج عبر الجلد. ولكنها تزيد احتمال حدوث عدوى جلدية في مكان الجروح بعد الحجامة. لذا فإن فوائد وأضرار الحجامة تختلف بحسب نوعها، ولكل منها استخداماته.
وبالإضافة إلى ذلك، يشيع استخدام كؤوس سيليكونية القابلة للتحريك بسهولة لتعطي تأثيرًا مشابهًا للمساج أثناء إجراء الحجامة.
فوائد الحجامة:
تتركز فوائد الحجامة بشكل أساسي في معالجة التشنج العضلي والتقليل من الألم والالتهاب في المنطقة التي يتم تطبيق الكؤوس عليها. وقد ذكرت دراسة نشرتها مجلة National Library of medicine مجموعة واسعة من الفوائد المتداولة للحجامة نذكر منها:
- آلام العضلات وتشنجها.
- آلام العنق.
- حب الشباب.
- نوبات الشقيقة.
- فتق النواة اللبية.
- تعزيز المناعة.
- متلازمة نفق الرسغ.
- ارتفاع ضغط الدم.
- السكري.
- السعال والربو.
- تخفيض الكوليسترول في الدم.
- التهاب المفاصل الروماتيدي.
- التخلص من حمض البول والسموم الأخرى.
- الاضطرابات النفسية كالاكتئاب.
فوائد الحجامة للنساء:
تساعد الحجامة على تنظيم الهرمونات الأنثوية وتعزز الخصوبة لدى النساء. وقد ذكر باحثون من جامعة بكين عام 2018 تقرير حالة لامرأة عقيمة تبلغ من العمر 39 عامًا، تمكنت من الحمل بعد أن خضعت لـ28 جلسة من الحجامة المترافقة مع الوخز بالإبر الصينية.
فوائد الحجامة للرجال:
تساعد الحجامة على تخفيف التعب العضلي الناتج عن التمارين لدى الرجال وتمنحهم الطاقة والنشاط. كما يبدو أن لها دورًا في علاج العقم لديهم. حيث نشرت مجلة journal of complementary medicine research عام 2019 حالة لرجل يبلغ من العمر 32 عامًا ويعاني من العقم منذ سبع سنوات تم إخضاعه للحجامة مرتين شهريًا وتم إخضاع زوجته لنفس العلاج مرة شهريًا. وفي النهاية، تمكنت الزوجة من الحمل بعد شهرين فقط من العلاج.
نظريات أخرى حول فوائد الحجامة:
هناك العديد من النظريات التي تفسر فوائد الحجامة وآليتها ولكن لم يتم إثبات أي منها بشكل كامل حتى الآن. وقد أشارت نظرية التأثير المناعي إلى أن الأذيات الدقيقة التي تتعرض لها البشرة أثناء الحجامة تُترجم إلى إشارات بيولوجية تحفز الجهاز المناعي.
بينما تقترح نظرية التأثير الجيني أن الضغط المطبق على البشرة والاستقلاب اللاهوائي الذي يحدث في المنطقة يؤدي إلى تفعيل إشارات فيزيولوجية وميكانيكية تنشط أو تثبط عدة جينات في الجسم وتساعد على الاستشفاء.
وعلى أي حال، فالعلماء متفقون على أن الحجامة تساعد على تنشيط الدورة الدموية وتقوية جهاز المناعة.
أضرار الحجامة:
رغم أن الحجامة عملية آمنة للغاية إلا أنها قد تسبب بعض الأضرار البسيطة مثل:
- الدوخة.
- التعب.
- الصداع.
- الغثيان.
- الحروق: إذا لم تتم المعالجة بيد مختص أو تُركت وقتًا أكثر من اللازم.
- الكدمات: تزول عفويا خلال 7_10 أيام.
- العدوى: تحصل عند استخدام أدوات غير معقمة جيدًا وتؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض الجرثومية أو الفيروسية كالتهاب الكبد B و C.
من هم الممنوعون من الحجامة؟
توجد بعض الحالات المرضية أو الفيزيولوجية التي تتعارض بشكل تام مع الحجامة مثل:
- السرطانات.
- مرضى قصور القلب.
- مرضى فقر الدم.
- الأشخاص الذين يستخدمون الأدوية المميعة للدم.
- مرضى الهيموفيليا والاضطرابات النزفية الأخرى.
- المرضى الذي لديهم فشل في أحد الأعضاء النبيلة مثل الكبد أو الكلية.
- الأشخاص الذين يستخدمون ناظمات الخطأ أو البطاريات القلبية.
- لا يجوز تطبيقها على الأعصاب والشرايين والأوردة والدوالي.
- لا يجب أن يخضع لها مرضى الصرع قبل استشارة طبيب.
- يُفضل تجنبها في فترة الدورة الشهرية لدى النساء.
- لا يجوز تطبيق الحجامة على مناطق الكسور أو التقرحات أو الآفات الجلدية.
- يُمنع الأطفال دون 14 عامًا من العلاج بالحجامة.
- لا يجوز للحامل أن تخضع للحجامة في منطقة البطن أو الصدر. والأفضل أن تتجنبها بشكل كامل خلال فترة الحمل والنفاس.
ما الذي يجب فعله قبل الحجامة؟
ينصح أخصائيو العلاج الفيزيائي المرضى بالحصول على حمام دافئ وإفطار خفيف قبل القيام بجلسة الحجامة. كما يجب تجنب الاستحمام خلال ال24 ساعة التالية للجلسة والحصول على الراحة الكافية.
في الختام، نرجو أن نكون قد وُفقنا في الإجابة عن أبرز التساؤلات المرتبطة بفوائد وأضرار الحجامة. ومثل معظم تقنيات الطب البديل يوجد للحجامة فوائد مثبتة وأخرى متداولة تحتاج للإثبات. كما يجب استشارة الطبيب قبل الخضوع للحجامة إذا كنت تعاني من أي أمراض حادة أو مزمنة.
