التعليم الذاتي |خطوات وطرق ومميزات
ما هو التعليم الذاتي ؟ هل طرحت على نفسك يوما هذا السؤال؟ قد يبدو السؤال متشعِّبا، ومن الممكن الدخول إليه من مداخل متعددة. لتوضيح مفهومه وفكرته وطرقه وبالتالي الوصول بالنهاية للحديث عن كل ما يخصه باستفاضة. بالضبط هذا ما ستجده في المقال التالي، فهنا في هذه السطور سنتناول ليس فقط فوائد التعليم الذاتي، بل سنكون أكثر كرما مما تتصور. فنحن هنا سنحيط بجوانب متعددة وفق مقالات متسلسة. متعلقة بالتعلم الذاتي، لنخرج في النهاية بفكرة واضحة المعالم عنه.
إن القرن الذي نعيش فيه دُمِغ بوشم التكنولوجيا والتقانة مع شعار السرعة التي كانت أهم ما يميز عصرنا المجنون، وهنا بالتحديد كان لزامًا علينا اللحاق بقافلته علّنا نمسك بجلباب الحداثة والتقنية بعيدا عن تقاليد عصر التعليم الكلاسيكي القديم، تزامنا مع العالم المعرفي الجديد الذي يمكن الولوج إليه بكبسة زر. تمعّن في هذه الجملة الأخيرة، عزيزي القارئ، فهي جوهر حديثنا في هذه السطور.
ما هو التعليم الذاتي ؟
يقصد “بالتعلم الذاتي” قيام الفرد كبيرا كان أم صغيرا بالإعتماد على نفسه لاكتساب الخبرات والمهارات والمعارف اللازمة، دون الإعتماد على أي مؤسسة تربوية تعليمية.
من المعلوم أن فعل التعلم هذا يعود لدافع شخصي بقصد التطوير والتحسين من النفس. وذلك عبر خطة شخصية خاضعة لأهداف تخص الفرد بعينه، فهو المسؤول عن المصادر التي يستقي منها معلوماته وذلك بناء على ميوله ورغباته.
وبالمثل، يحكم عملية التعليم الذاتي، عوامل متعددة مثل مستوى الذكاء والعمر والمواهب والقدرة الاقتصادية والنفسية، لكن يعتبر العامل الأهم المتحكم بها، هو الدافع والمحفز الشخصي.
ما هي أهم الطرق المتبعة في التعليم الذاتي ؟
في الحقيقة هناك أكثر من طريقة من أجل تنمية عملية التعليم الذاتية وتطبيقها بطريقة سليمة. نذكر منها على سبيل المثال:
- طريقة التعلم بالتعاون مع طلاب آخرين، قد تكون هذه الطريقة بمضمونها العام متناقضة مع فكرة التعلم الذاتي، لكن في الحقيقة، إن جوهر الأمر ينطوي على فائدة كبيرة. فتبادل الخبرات والآراء مع الآخرين يزيد من فرصة تنمية المهارة أو الخبرة.
- التعلم بالإكتشاف أو زيادة الفضول حول معلومة ما. فمن المهم أن تقوم العملية على قاعدة الفضول لاكتشاف ما خفي من أي مادة دراسية أو خبرة ما، وجعل أسلوب الاستقصاء والبحث، الأسلوب الرئيس في هذه المهمة.
- التعلم عن طريق الإنترنت، وهذا بالضبط الأكثر شيوعا في العملية الذاتية للتعلم، في الوقت الذي أصبح فيه الإنترنت والمواقع الالكترونية رفيقا دائما لنا، علينا أن نستفيد من هذه الميزة في تطوير قدراتنا. وهذا متاح بكل سهولة على المنصات الإلكترونية المتوفرة، على سبيل المثال، منصة كورسيرا. وهي منصة عالمية تتوفر فيها العديد من الدورات التعليمية باللغة العربية.
- التعلم المبرمَج، حيث تقتضي هذه الطريقة وضع خطة منهجية تعتمد على المستوى الفردي للشخص المتعلم. حيث من الممكن التعلم وفق أجزاء متسلسة بناء على الفهم الشخصي وامتلاكه مفاتيح المادة المتعلَّمة.
- طريقة التعليم وفق مشاريع شخصية، حيث يقوم المتعلم بتنفيذ فكرة مشروع معين، وهو مسؤول بالكامل عن نجاحه ومتكفل بكل ما يلزم لهذا النجاح.
الخطوات الرئيسية للتعلّم الذاتي
من المهم للبدء بعملية التعلم، التخطيط الصحيح للقيام بكل خطوة من أجل بناء عملية تعليمية مفيدة ومتكاملة وذلك بعيدا عن العشوائية. فيما يلي البعض من هذه الخطوات:
- لا بدّ من هدف لكل خطوة نقوم بها، والفكرة الرئيسة هنا أن نفهم توجهاتنا وميولنا والمواضيع الأكثر إثارة لنا، وبالطبع الأكثر قدرة على تحقيق نجاح فيها.
- اختيار الطريقة المناسبة أو الأسلوب التعليمي المريح لكل طالب على حدة.
- العمل على زيادة الحافز لبدء الخطوة في التعلم، فكما أسلفنا سابقا، الفكرة الرئيسة والمهمة في العملية هو وجود دافع قوي ينمو ولا يتضاءل. فهو في زيادة مستمرة لا تتوقف عن الصعود باتجاه تحقيق الحلم.
- البحث عن خلفيات أي دراسة نريد التحقق منها وبناء فكرة متكاملة عنها، وهذا يتوقف على القراءة والمطالعة المستمرة.
- وضع استراتيجيات من شأنها زيادة الدافعية والاستمرار، مثل الاحتفال بالإنجازات الصغيرة.
- القيام بعملية الحفظ والتسجيل أو التلخيص مع الإحتفاظ بكل المعلومات من أجل الرجوع إليها وقت الحاجة.
- المشاركة في المعلومات وإبداء الرأي، في الحلقات والأنشطة التي من خلالها من الممكن تعزيز العملية التعليمية وبناء شخصية واثقة من مقدراتها.
أهم مهارات التعليم الذاتي
من المهم، تواجد مجموعة من المهارات، من أجل بناء شخصية ذاتية المعرفة. وهذه الشخصية تبنى على مجموعة جوانب. منها المهارات الدراسية وهي القدرة على القراءة ومتابعة الأبحاث، أو المهارات فنية، وهي القدرة على ابتداع استراتيجيات مساعدة لإنجاز عملية التعلم بأسرع وأنجح الطرق. ومن الممكن تلخيص بعض هذه المهارات بالتالي:
- الانفتاح المعرفي، واستغلال جميع الفرص التي من الممكن أن تزيد خبرته وعلمه.
- وجود الحافز أو الرغبة أو السبب، بالإضافة لللثقة بالنفس.
- القدرة على فهم مختلف الثقافات، وبالمثل، تقبل جميع الآراء المبينة في الدراسات.
- وجود رؤية واضحة ونظرة ثاقبة للأمور، بالإضافة لإمكانية الإستفادة من كل ما يتيسر لزيادة المعرفة.
- القدرة على تنظيم الوقت، والأهم من ذلك، تحمل ضغوط الدراسة المختلفة.
مميزات وخصائص التعلم الذاتي
بماذا يختلف التعليم الذاتي عن التعليم التقليدي المتعارف عليه؟ فيما يلي، أهم الخصائص المميزة له:
- سرعة في التطور المعرفي، حيث تقدم الدروس الشخصية سرعة في التعلم فهي غير مقيدة بخطة معينة بل تسير وفق المنهج الشخصي القابل للتعلم بسرعة.
- المرونة في الوقت والإختيار، فلا حدود لمعرفة ولا إطار زمني قد يشكل عائق لدراسة ما. بل يتبع كل هذا القرار والإرادة الشخصية.
- الهروب من عبء التعليم التقليدي. بكل أساليبه التي عفا عليها الزمن، بالإضافة إلى القدرة لمواكبة تغيرات مسار التعليم في العالم الأكثر تطورًا.
- مراعاة المستوى الفردي للشخص المتعلم، فعملية التعليم تابعة لمستوى الشخص وقدرته على الفهم والاستيعاب. من خلال مراعاة خطة فردية للتقدم المعرفي، فالشخص نفسه هو الأقدر على معرفة مستواه ودرجة إتقانه للمهارة.
- عملية تعليم مستمرة، لا يهم كم عمرك، فعملية التعليم الذاتي تتيح كل مجتهد نصيبه في العلم والمعرفة متخطيا بذلك شروط العمر التي تفرضها الكثير من المؤسسات التعليمية.
ما هي مصادر التعليم الذاتي؟
تتعدد وتتنوع المصادر التي يمكن نهل المعارف من خلالها، وفيما يلي البعض منها.
- الكتب المطبوعة أو المجلات المنشورة، والتي باتت متوفرة اليوم بشكلها الإلكتروني.
- المؤتمرات أو المحاضرات ، فمن الممكن تتبع ومراقبة جميع الأنشطة التي توفر منبع مميز للتعلم.
- المواد والوسائل الإعلامية المتنوعة.
- للصوتيات والمرئيات المتوفرة على مواقع الانترنت، والتي أصبحت وسيلة رائعة لكسب الخبرات.
- مواقع الإنترنت، عالم واسع بين يديك. تقدمه التكنولوجيا وبأبسط التكاليف والإجراءات.
بناء على ما سبق، نستخلص أن قدرة الفرد لا حدود لها، ففي حين يقف العمر أو الظروف الحياتية الأخرى، حاجزا بيننا وبين إمكانية استكمال تحصيلنا العلمي، يأتي التعليم الذاتي ليزيح حجب العقل ويفتح أمامه الآمال الكبيرة والإنجازات العظيمة. كن الدافع والنتيجة، تحرّر، فلا حدود تقيدك، أيها الملهم.